شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١٥١
ذكر هذين الخلقين أعني الحلم والصبر لأنهما يستلزمان سائر الأخلاق النفسانية بل جميع الأعمال الصالحة البدنية أيضا. أما الحلم فلأنه من اعتدال القوة الغضبية، واعتدالها يستلزم الاعتدال في القوة الشهوية لأن القوة الغضبية معينة للشهوية في جلب المنافع ودفع المضار فإذا اعتدلت هذه واعتدالهما تابع لكمال القوة العقلية واستيلائها على الظاهر والباطن فيضع كل عضو فيما يليق به، وأما الصبر فلأن توقف الأخلاق - مثل الورع والتقوى والعفو وحسن الخلق وكظم الغيظ وغيرها - والأعمال - مثل الصوم والصلاة والحج ونحوها وتروك المناهي - عليه أظهر من أن يحتاج إلى البيان.
(بعيدا كسله دائما نشاطه) الكسل محركة التثاقل عن الشيء والفتور وفعله كفرح، والنشاط بالفتح ويكسر طيب النفس للعمل وغيره، وفيه تنبيه على ثباته في طاعة الله وسلوك سبيله، ومنشأ ذلك قوة اعتقاده فيما وعد الله للعاملين والتصديق بشرف غاية العبادة.
(قريبا أمله قليلا زلله) أي ليس له طول أمل لإكثاره ذكر الموت والوصول إلى الله تعالى حتى أنه يترقبه آنا فآنا وليس له زلل ولو وقع لضرورة أو سهوا أو من باب ترك الأولى وقع قليلا نادرا.
(متوقعا لأجله خاشعا قلبه) إذا خشع قلبه خشعت جوارحه، والخشوع ثمرة الفكر في جلال المعبود وملاحظة عظمته التي هي روح العبادة، وانتظار الأجل من أشد الجواذب عن الدنيا إلى الله تعالى والشوق إلى لقائه والحزن من ألم فراقه حتى يبلغ ذلك إلى غاية لا يستقر روحه في جسده لولا الأجل الذي كتب له وهذا الشوق إذا بلغ حد الملكة يستلزم دوام ذكره لربه وقناعة نفسه بقليل من الدنيا وهو قدر الضرورة كما قال.
(ذاكرا ربه قانعة نفسه) ويعين على ذلك تصور الفرق بين الحاضرة والغايبة والتصديق بعدم المساواة بين الذاكر والغافل وبين القانع والحريص في الآخرة.
(منفيا جهله سهلا أمره) لاتصاف نفسه بالعلوم وظهور آثار الحكمة فيه وعدم تكلفه لأحد وعدم تكلف أحد له لأن المؤمن خفيف المؤونة.
(حزينا لذنبه ميتة شهوته) حزنه ثمرة الخوف من الله والتقصير في رعاية حقوقه، ولفظ الموت مستعار لخمود شهوته عما حرم عليه وما لا يليق به وهو العفة.
(كظوما غيظه صافيا خلقه) كظم الغيظ رده وحبسه من فضائل القوة الغضبية وأعظم الخصائل البشرية، وصفاء الخلق أعني خلوصه من الغش والامتزاج بضده من أعظم صفات الايمان وأفخم سمات الإيقان.
(آمنا منه جاره ضعيفا كبره) أمن جاره من ضره وشره وبوائقه وغوائله لكونه أمينا صالحا حافظا
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430