(لا يبخل ولا يعجل ولا يضجر ولا يبطر) لعلمه بأن البخل وهو منع الواجبات المالية ومنع المستحق والسائل مما يفضل عنده من أخس الأخلاق المهلكة، وفعله من باب علم وكرم، وإن العجل وهو السرعة إلى الأمر من غير تفكر فيه وتدبر في عاقبته يوجب الندامة والحيرة، وفعله من باب علم، وأن الضجر من الحق وهو التبرم والقلق والاغتمام منه يوجب البعد عنه والانحراف إلى ضده، وفعله من باب علم. وأن البطر وهو بالتحريك النشاط والأشر والدهش عن الحق والحيرة فيه والطغيان بالنعمة وكراهة الشيء من غير أن يستحق الكراهة والتكبر عند الحق وعدم قبوله يوجب كفران النعمة وسخط الرب والبعد منه، وفعله من باب علم.
(ولا يحيف في حكمه ولا يجور في علمه) لأن الحيف في الحكم بالميل إلى الباطل في فتواه والجور في العلم بترك العمل بمقتضاه من توابع النقص في القوة النظرية والعملية وقوته النظرية في أقصى مراتب الاعتدال وقوته العملية في أعلى مراتب الكمال.
(نفسه أصلب من الصلد ومكادحته أحلى من الشهد) الصلد ويكسر الحجر الصلب الأملس، والكدح العمل والسعي فيه، والشهد بالفتح ويضم العسل وصف نفسه بأنها أصلب من الصلد لأنه لا يد للشيطان عليها ولا تنفذ سهام وسوسته فيها، ووصف عمله ومبالغته في الخيرات بأنه أحلى من العسل في مذاقه وميل طبعه اللطيف إليه.
(لا جشع ولا هلع ولا عنف ولا صلف ولا متكلف ولا متعمق) الجشع بفتح الجيم وكسر الشين الحريص الشديد في حرصه وهو الذي يأخذ نصيبه ويطمع في نصيب غيره، وفعله من باب علم، والهلع بفتح الهاء وكسر اللام، والهلوع: من يجزع في المصائب ويفزع من الشر والنوايب جزعا شديدا وفزعا عظيما ويطلق على الحريص والشحيح أيضا، وفعله من باب علم. والعنف ككتف والعنيف: من لا رفق له في القول والفعل، وفعله من باب كرم ويتعدى بالباء وعلى. والصلف ككتف من يتكلم بما يكرهه صاحبه ويمدح نفسه ولا خير عنده ويجاوز قدره ويدعي فوق ذلك تكبرا ويكثر القول بما لا يفعل، وفعله من باب علم. والمتكلف: المتعرض لما لا يعنيه، والمتعمق: المبالغ في الأمور المتشدد فيها والمتنطع في الكلام الغالي فيه.
(جميل المنازعة كريم المراجعة) إذ مراجعته من ضروريات الدنيا إلى الله وطلب رضاه ومنازعته مع بنى نوعه إما في أمور الدنيا على وجه لا يؤذيهم، أو في ترويج مكارم الأخلاق ومحامد الأفعال ومحاسن الأمور التي تفاضلت فيها الأماجد بالحكمة والموعظة الحسنة (عدل إن غضب رفيق إن طلب) إشارة إلى أنه عدل في القوة الغضبية فلا يكون مفرطا مقصرا بحيث يبطل حدا من حدود الله ولا مفرطا متجاوزا فيها عن الحد بحيث يكون ظالما لنفسه ولغيره،