(ولا يخرق الثناء سمعه) أي لا يشقه ولا يدخل فيه لأنه يتأبى من استماعه ويستكرهه لعلمه بأن استماعه والرضا به يوجب اهتزاز النفس والاعتراف بكمالها والادلال بخروجها عن حد التقصير والعجب بكمالها وكل ذلك مهلك، ولم يرض أمير المؤمنين (عليه السلام) بالثناء عليه مع كمال تقدسه. فقال حين مدحه قوم في وجهه: «اللهم إنك أعلم بي من نفسي وإني أعلم بنفسي منهم اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون واغفر لنا مالا يعلمون».
(ولا ينكي الطمع قلبه) أي لا يقتل أو لا يجرح الطمع في الدنيا أو فيما في أيدي الناس قلبه لسده باب الطمع فلا يدخل فيه حتى يميته أو يجرحه.
(ولا يصرف اللعب حكمه) إذ ليس له لعب معروف ولا ميل إلى الدنيا حتى يصرف حكمه وقضاءه عن إصلاح نفسه ودينه ودين إخوانه المؤمنين.
(ولا يطلع الجاهل علمه) أي لا يعلم الجاهل علمه، يقال: أطلعه على: افتعله إذا علمه، أو لا يعلو الجاهل علمه ولا يبلغ مبلغه من طلع الجبل - كمنع ونصر وعلم - إذا علاه. وذلك لأنه حكيم يضع علمه وحكمته في موضع ويمنعه عن غير أهله.
(قوال عمال عالم حازم) أي كثير القول في أمور الدين وهداية الخلق وكثير العمل لما بعد الموت لأن مخالفة القول للعمل عند الخلق قبيح وعند الله أقبح ولذلك عاتب بقوله (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) وعالم بالكتاب والسنة وأحوال المبدأ والمعاد، وحازم ضابط لأمره متقن له آخذ فيه بالثقة لا يرتكب ما يضره في الدنيا والآخرة فهو كامل في قوته النظرية والعقلية والعملية.
(لا بفحاش ولا بطياش) الفحش: القول السئ وعدوان الجواب وما يشتد قبحه من الذنوب وكل ما نهى الله عز وجل عنه، والطيش: النزق والخفة وذهاب العقل. والطياش من لا يقصد وجها واحدا وذلك ينشأ بتجاوز القوة الغضبية عن حد الاعتدال والمبالغة في النفي كما مر، ولو أريد نفي المبالغة فللإشارة إلى أن الإنسان ليس بمعصوم إلا من عصمه الله تعالى.
(وصول في غير عنف بذول في غير سرف) أي وصول بالمؤمنين في غير أن يعنف عليهم ويؤذيهم بالقول والفعل، والعنف مثلثة العين ضد الرفق، وجواد في اقتصاد وهو من كمال العقل، والسرف بفتحتين ضد القصد وهو اسم من أسرف إسرافا إذا جاوز القصد بالتبذير أو الإنفاق في غير طاعة الله.
(لا بختال ولا بغدار) الغدار من ينقض عهده ولا يفي به، والختال من يخادع صاحبه، وفي بعض النسخ ولا بختار بالراء وهو الغدار والخداع.