(وقد كان بنو الأشعث) أشعث قيس بن الكندي ساكن الكوفة ارتد بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في ردة أهل ياسر وزوجه أبو بكر أخته أم فروه وكانت عوراء فولدت له محمدا وكان من أصحاب علي (عليه السلام) ثم صار خارجيا ملعونا شديد العداوة لأهل البيت (عليهم السلام) (على خطر عظيم) من سلطان عصرهم (فدفع الله عنهم) شره (بولايتهم لأبي الحسن (عليه السلام)) كما هو المعروف في السير.
(وأنتم بالعراق ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل الله لهم) العراق بالكسر يذكر ويؤنث وهو إقليم معروف محدود من عبادان إلى الموصل طولا ومن القادسية إلى حلوان عرضا، ووجه التسمية مذكور في القاموس وغيره. والعراقان: البصرة والكوفة، والفراعنة: جمع الفرعون وهو كل متمرد عات. والفرعنة: الدهاء والنكر. وفي المصباح هو فعلون أعجمي. والمراد بأعمالهم قتلهم العلماء والصلحاء وأهل الدين والإيمان ونهبهم أموال الناس وغير ذلك من أعمالهم القبيحة وأفعالهم الشنيعة، و «ما» مصدرية، والإمهال: التأخير، ولما كان مقتضى ذلك التقية منهم وعدم الاغترار بالدنيا مثلهم أشار (عليه السلام) إليهما بقوله:
(فعليكم بتقوى الله ولا تغرنكم [الحياة] الدنيا) أي لا تغلبنكم الدنيا بزهراتها عن مقامكم على الورع والاقتصاد. ولا يزيلنكم بثمراتها من ثباتكم على التقوى والاجتهاد لأن الدنيا ظاهرها زينة معجبة وباطنها سموم مهلكة. ومن التقوى التقية من أهل العناد وإخفاء الحق من أهل الشراد ولما كان ضعفاء العقول قد يغترون بإمهال الله تعالى أهل المعصية وعدم مؤاخذتهم بها عجالة ويميلون إليها مثلهم نهى (عليه السلام) عن ذلك بقوله:
(ولا تغتروا بمن أمهل له فكان الأمر قد وصل إليكم) أي لا تصيروا مغرورين بمن أمهل الله له في البقاء على المعصية والركون إلى الدنيا ولم يؤاخذهم بها عجالة فكان أمر الآخرة وعقوبتهم فيها أو أمر اهلاكهم أو أمر الصاحب وظهوره واستيلاؤه على الظلمة أو الجميع وقد وصل إليكم وليس بينه وبينكم زمان يعتد به.
11 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عمر بن أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لعبد نومة، عرفه الله ولم يعرفه الناس، اولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجلي عنهم كل فتنة مظلمة، ليسوا بالمذاييع البذر ولا بالجفاة المرائين.
* الشرح:
قوله (طوبى لعبد نومة عرفه الله ولم يعرفه الناس) نومة كهمزة: الخامل. أي: الجنة أو طيب