شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١٣٩
حتى كأني انظر إليهم، فتثاقل عن جوابه ثم قال (عليه السلام) يا همام اتق الله وأحسن فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم يحسنون. فلم يقنع همام بذلك القول حتى عزم عليه، وقال بعض الأعلام تثاقله (عليه السلام) عن جوابه لما رأى من استعداد نفسه لأثر الموعظة وخوفه عليه أن يخرج به خوف الله إلى انزعاج نفسه وصعقها، وأمره بتقوى الله أي في نفسه أن يصيبها فادح بسبب سؤاله، وأمره بالإحسان إليها بترك تكليفها فوق طاقتها، ولذلك قال (عليه السلام) حين صعق همام «أما والله لقد كنت أخافها عليه».
(فقال: يا همام المؤمن هو الكيس الفطن) تعريف الخبر باللام وتوسيط الضمير لقصد الحصر والتأكيد، والكيس وزان فلس جودة القريحة. قال ابن الأنباري: العقل، ويقال أنه مخفف كيس مثل هين وهين والأول أصح لأنه مصدر من كأس كيسا من باب باع، وأما المثقل وهو المراد هنا فاسم فاعل والجمع أكياس مثل جيد وأجياد، والفطنة ذكاء النفس، ورجل فطن بأحواله وأمور الدين عالم بوجوههما حاذق وانما قدمهما لأنهما مبدآن للمحاربة مع النفس الأمارة وآلتان للغلبة عليها (بشره في وجهه وحزنه في قلبه) إذ لا يطمئن من اضطرابه لما فات ووقوع التقصير فيه ولا يسكن من روعته لما هو آت وتوقع التقصير فيه حتى يرفع الحجاب ويدخل الجنة لأن الإنسان وإن بلغ حد الكمال لا يأمن من النقص والوقوع في الخسران، وأما بشره وهو بالكسر: طلاقه الوجه والبشاشة وإظهار السرور فلأنه من حسن العشرة وكمال الرأفة بالإخوان المؤمنين بخلاف العبوس فإنه من علامات الغلظة والتجبر وأمارات أهل النار.
(أوسع شيء صدرا وأذل شيء نفسا) سعة الصدر وانفراجه عبارة عن انكشافه لقبول ما في السماوات والأرضين وعالم الملك والملكوت من الأسرار اللاهوتية والآثار الربوبية وتجليات أنوار الحق. وذل النفس إشارة إلى الأخذ بزمامها والمنع عن مرامها كيلا تتجاوز عن الحدود الشرعية والآداب العرفية الموافقة للقوانين النبوية أو إلى مذلتها وهونها عنده، فالأذل على الأول من الذل بالكسر بمعنى السهولة والانقياد. يقال ذلت الدابة ذلا بالكسر أي سهلت وانقادت فهي ذلول.
وعلى الثاني من الذل بالضم بمعنى الهون والضعف يقال: ذل ذلا بالضم ومذلة إذا ضعف وهان.
(زاجر عن كل فان حاض على كل حسن) أي زاجر نفسه أو غيره أو الأعم وكذا حاض، والحض: الحث والتحريض، وذلك لعلمه بأن نفع الأول زائل لا يبقى ونفع الثاني باق لا يفنى وفيه إعلام بصرف همته إلى مولاه وإعراضه بالكلية عما سواه طلبا لرضاه.
(لا حقود ولا حسود ولا وثاب ولا سباب ولا عياب ولا مغتاب) الحقد: إمساك العداوة، والبغض في القلب والتربص لفرصتها. والحقود الكثير الحقد و «لا» للمبالغة في النفي لا لنفي المبالغة كما قيل في قوله تعالى (وما أنا بظلام للعبيد) ونحوه وقد صرح به التفتازاني في شرح
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430