شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١٥٤
نفيها.
(وقال هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها) وكان همام لاستعداد نفسه القدسية لاستشراق لوامع الأنوار الإلهية من أهلها فلذلك فعلت به ما فعلت.
(فقال له قائل: فما بالك يا أمير المؤمنين، فقال: إن لكل أجلا لن يعدوه وسببا لا يجاوزه فمهلا لا تعد فإنما نفث على لسانك شيطان) اعلم أن هذه الصفات إذا اجتمعت في مؤمن تنور قلبه وتزيد رقته وتجلو رينه وتزيل قسوته وترفع الحجاب بينه وبين ربه وتفتح باب المكاشفة فيلوح فيه جمال الحق وأنوار الربوبية وعالم الملك وآثار القهر والجبروت كما ينتقش الصور في المرآة الصافية المجلوة، وهذا على سبيل التشبيه وإلا فقد ترتفع الأمثلة والأشباح من البين ويتصل هو بالحق اتصالا معنويا فيكون الحق حينئذ سمعه وبصره ويده ولسانه كما ورد في الحديث، وهذه الحالة هي الفناء في الله، وإنما يعرف حقيقتها المستعدون المجتهدون الواصلون دون السامعين ولذا أنكرها كثير منهم ولما كان همام مستعدا مجتهدا واصلا لمعت في قلبه حقيقة هذه الحالة عند سماع هذه الموعظة البالغة التي هي معارج الحق ومدارج النور ولم يقدر أن يملك نفسه فصاح ووقع مغشيا عليه وسؤال ذلك القائل وسوء أدبه إنما نشأ من سوء فهمه وضعف عقله وقلة علمه بأن القلوب تتفاوت في تحمل الأمور العظام والأهوال والجسام ومشاهدة العجائب وملاحظة الغرائب بسبب كثرة الممارسة وقلتها وقوة نور اليقين والتأيد بالتمكين وضعفه كما لا يخفى على الأعلام. وظاهر أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان غريقا في بحر المكاشفة واليقين بل كان قلبه نورا من نور رب العالمين فكيف يدهش من مشاهدة نوره، وإنما لم يجب (عليه السلام) بهذا الجواب لاستلزامه تفضيل نفسه أو لقصور فهم السائل بل أجاب بما هو أقرب إلى فهم السائل من الجواب المقنع له وهو أن بقاءه لعدم حضور أجله المحكوم به في القضاء الإلهي، وبالجملة سبب عدم تأثير هذه الموعظة فيه (عليه السلام) بالموت أمران: أحدهما عدم حضور أجله وثانيهما الفرق بين همام وبينه (عليه السلام) وأجاب (عليه السلام) بالأول دون الثاني.
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن عبد الله بن غالب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال: وقور عند الهزاهز، صبور عند البلاء، شكور عند الرخاء، قانع بما رزقه الله، لا يظلم الأعداء ولا يتحامل للأصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والصبر أمير جنوده والرفق أخوه واللين والده.
* الشرح:
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430