شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١٥٣
هواها وزجرها عن رداها ومقاومته لها وقهره عليها ومراقبتها إياها. والناس في راحة من شر نفسه ومناقشته ومنازعته في أمر الدنيا ولعله أولى لأن التأسيس خير من التأكيد (إن بغي عليه صبر حتى يكون الله الذي ينتصر له) أي إن ظلم لم ينتقم هو بنفسه من الظلم بل يكل أمره إلى الله لينتصر منه. والانتصار «داد ستاندن وكينه كشيدن وبازداشتن» وذلك منه نظر إلى ثمرة الصبر والوعد الصادق، قال الله تعالى (ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله) الآية.
(بعده ممن تباعد منه بغض ونزاهة ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ليس تباعده تكبرا ولا عظمة ولا دنوه خديعة ولا خلابة) خلبه كنصره خلبا وخلابا وخلابة بكسرهما خدعه، وفي كنز اللغة:
خلابة «فريفتن بزبان وبريدن» يعني بعده ممن تباعد منه بغض لما انهمكوا فيه من الدنيا والأعمال القبيحة ونزاهة عن التلوث به وبمشاهدته لا عن كبر وتعظم عليه كما هو شأن المتكبرين المتباعدين من الصلحاء وغيرهم ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة منه لهم لا مكر بهم ولا خديعة كما هو حال خبيث الأخلاق.
(بل يقتدى بمن كان قبله من أهل الخير) كالأنبياء والأوصياء وغيرهم ممن عرف بالخير واشتهر به (فهو إمام لمن بعده من أهل البر) البر: الصلة والجنة والخير والاتساع في الإحسان والصدق والطاعة، وقد يطلق على العفة، وبهذا الاعتبار يقابله الفجور ويمكن أن يراد بالبر هنا ما دل عليه القرآن الكريم (ولكن البر من آمن بالله) إلى قوله (أولئك هم المتقون). (ولكن البر من اتقى) فإن المراد بالبر في هاتين الآيتين كمال الايمان والتقوى والأعمال الجميلة والأخلاق الحسنة.
(قال فصاح همام صحية ثم وقع مغشيا عليه) في نهج البلاغة: «فصعق صعقة كانت فيها نفسه» يعنى غشي عليه ومات رحمه الله. قال بعض الأفاضل: لم يكن يغلب على ظنه (عليه السلام) الصعقة من الوجد الشديد. فأما إن فيها موته فلم يكن مظنونا له فلا تحم حول ما قيل إنه كيف جاز منه (عليه السلام) أن يجيبه مع غلبة ظنه بهلاكه وهو كالطبيب إنما يعطي كلا من المرضى بحسب احتمال طبيعته من الدواء والحق أنه (عليه السلام) كان عالما بما يرد عليه وربما يشعر به ما نقلناه في أول الباب عن بعض الأعلام كما يشعر به ما نقله الراوي بقوله:
(فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) أما والله لقد كنت أخافها عليه) وعدم جواز إجابته بعد مبالغته في السؤال وعزمه عليه مع غلبة ظنه بهلاكه ممنوع لجواز علمه (عليه السلام) وعدم جواز إجابته بعد مبالغته في السؤال وعزمه عليه مع غلبة ظنه بهلاكه ممنوع لجواز علمه (عليه السلام) بأنه تعالى جعل موته بسماع هذه الموعظة البليغة فما فعله إلا بأمر ربه، أو بأن فيه حكمة وإن لم نعلمها وخفاء الحكمة لا تقتضى
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430