الجنان إذا أريد أن لا يطلق غيره إنما هو بحفظ اللسان فإنه آلة تلف الإنسان. ومفاسد الإفشاء بعيدة عن الخفاء.
قوله: (ولا يتركه حياء) قد عرفت أن إنقباض أنفس عن الحق وتركه لرقة الوجه يسمى حياء مجازا (إن زكي خاف مما يقولون) إما لعدم وجوده فيه أو لعدم عمله بكونه مقبولا له تعالى أو لا مكان حصول العجل أو لأن الإنسان وإن بالغ فهو في حد النقص أو لأن التزكية تزكيته تعالى لا تزكية البشر (لا تزكوا أنفسكم ولكن الله يزكي من يشاء».
قوله: (وإستغفر الله مما لا يعلمون) قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال فيه فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم مني بنفسي، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، وإجعلني أفضل مما يظنون، وإغفر لي ما لا يعلمون».
(لا يغيره قول من جهله) فلا يزعجه قول الزور والافتراء والبهتان والغيبة والنميمة ولا يضطر به ولا يحركه إلى الانتقام والمكافاة بالمثل بل يتمسك بالصبر والحلم كما هو شأن أرباب الإيمان وأصحاب الإيقان.
* الأصل 3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: أنه ليعجبني الرجل أن يدركه حمله عند غضبه.
* الشرح قوله: (أنه ليعجبني الرجل أن يدركه حمله عند غضبه) فيمنع نفسه من التشفي والانتقام والإقدام على العقوبة ويحملها على العفو مع القدرة على ذلك والعفو من صفات الله وصفات أوليائه ومن شق عليه فليتفكر في أمر الخالق جل شأنه فإنه يشرك به ويجعل له ولد ويعتقد له صفات لا تليق به وهو منزه عنها ثم هو يعافيهم ويرزقهم ويعطيهم ويقضى حوائجهم.
* الأصل 4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل يحب الحيي الحليم.
5 - عنه، عن علي بن حفص العوسي الكوفي، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أعز الله بجهل قط ولا أذل بحلم قط.
* الشرح قوله: (ما أعز الله بجهل قط ولا أذل بحلم قط) لأن الجهل صفة توجب الذل في الدنيا والآخرة