شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٢٥
ذلك. والسمن كثرة اللحم والشحم سمن فلان يسمن من باب تعب وفي لغة من باب قرب إذا كثر لحمه وشحمه، ولعل المراد به هنا الشرافة والعظمة وفي بعض النسخ «يسمن الله ذلك إلى آخره» ويسمن حينئذ من باب الأفعال أو التفعيل أي يجعل الله ذلك عندهم شريفا عظيما تورث المحبة لكم (ولا تعادوهم فتحملوهم على رقابكم فتذلوا) لأن إظهار المعاداة وإجراء أحكام الغيظ والغضب مع العجز عن المقاومة والانتقام يورث ضررا عظيما ومذلة فاحشة وأما مع القدرة على الانتقام فالعفو أحسن لأنه من صفات الكرام.
5 - علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابه، عن مالك بن حصين السكوني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما من عبد كظم غيظا إلا زاده الله عز وجل عزا في الدنيا والآخرة وقد قال الله عز وجل: ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) وأثابه الله مكان غيظه ذلك.
* الأصل 6 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة قال: حدثني من سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، أملأ الله قلبه يوم القيامة رضاه.
* الشرح قوله: (أملا الله قلبه يوم القيامة رضاه) كناية عن كثرة إفضاله وإحسانه إليه في ذلك اليوم فلا يرهقه قتر ولا ذلة (1)

١ - قوله «فلا يرهقه قتر ولا ذلة» أرى أن ما ذكره الإمام (عليه السلام) يفيد معنى أدق وأعلى مما فسره به الشارح وبيان ذلك إن ملكات النفس وعقايدها وقواها تنقسم إلى ما يبقى بعد الموت لعدم تعلقها بالبدن بوجه، وإلى ما لا يبقى لتوقفها على الأعضاء الظاهرة فالأول كالإيمان بالله العظيم وأصول الدين والمعارف إذ ليس حاملها الحواس والجوارح وكملكة التقوى أو الفجور وأمثال ذلك، وأما الثاني فكالعلوم الجزئية من حيث هي جزئية والمعاني المدركة بالواهمة وأمثالها فلا يبقى للنفس ما تدركه بهذا البصر من حيث هو مدرك بهذا الصبر ولا المحبة والعداوة والخوف الحاصلة بعد رؤية الولد والعدو كالأنثى إذا شاهدت أولادها عرضت لها حالة تبعثها على العطف والتربية والارضاع ولا يعرف الحيوان لها إسما ولا يتعقل مفهوما وإنما يحصل له مصداق المحبة فقط. وكذلك الغنم إذ شاهدت ذئبا عرضت لها حالة تقتضي الفرار والنفرة ونسميها نحن معاشر البشر خوفا ولا يتصور الحيوان له مفهوما بل له المصداق وهو حالة بدنية متعلقة بالأعصاب والدماغ يفقدها كل موجود ليس له عصب ودماغ وكذلك يعرض للإنسان نظير هذه الحالات بقوته الموسومة بالواهمة هي مصاديق مفاهيم كالحسد والغيظ والغضب وهي أي مصاديقها متعلقة بالبدن وأعضائه وعصبه ودماغه ولكن للإنسان عقلا يستطيع أن يعارض به هذه الحالة ويمنعها عن التأثير والحيوان مقهور بالجري على مقتضاها ولا مبدء منع فيه عن ذلك ولذلك كلف الإنسان ولم يكلف سائر الحيوانات والعقل مبدء غير جسماني قاهر على مقتضيات القوة الواهمة ولما كان مجردا غير متعلق بالبدن بقي في البرزخ وعاد في الآخرة والغيظ مقتضى الواهمة وكظمه مقتضى العقل ويبعث يوم القيامة مع العقل ولوازمه من الرضا والأمن والإيمان دون الغيظ.
وإذا لم يكظم غيظه وجرى على مقتضاه كالحيوان أوجب ذلك له معاصي كثيرة عقبت في قلبه نفاقا وقسوة وملكات يتأذي بها في الآخرة ويتألم بها العقل المقهور في الدنيا بلوازم الجهل والهوى. (ش)
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428