الشياطين لا تقبل إلا مولية ولا تدبر إلا مولية ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم، الأعنان = النواحي جمع عنن وعن، يقال: أخذنا كل عن وسن وفن، أخذ من عن كما أخذ العرض من عرض، وفى الحديث: انهم كرهوا الصلاة في أعطان الإبل لأنها خلقت من أعنان الشياطين، قال الجاحظ: يزعم بعض الناس أن الإبل لكثرة آفاتها أن من شأنها إذا أقبلت أن يتعقب إقبالها الادبار وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء ومستأصلا، و " لا يأتي نفعها " يعنى منفعة الركوب والحلب إلا من جانبها الذي ديدن العرب أن يتشاءموا به، وهو جانب الشمال ومن ثم سموا الشمال شومى قال: فانحى على شومى يديه " فدارها " فإذا هي للفتنة مظنة وللشياطين مجال متسع حيث تسببت أولا إلا إغراء المالكين على إخلالهم بشكر النعمة العظيمة فيها، فلما زواها عنهم لكفرانهم أغرتهم أيضا على إغفال ما لزمهم من حق جميل الصبر على المرزئة بها وسولت لهم في الجانب الذي يستملون منه الركوب والحلب انه الجانب الأشأم وهو في الحقيقة الأيمن والابرك، وقال أيضا: قيل أي لرسول الله صلى الله عليه وآله: أي أموالنا أفضل؟ - قال: الحرث، وقيل:
يا رسول الله صلى الله عليه وآله فالإبل؟ - قال: تلك عناجيج الشياطين، العنجوج يعطف عنقه لطولها في كل جهة ويلويها ليا وراكبه يعنجها إليه بالعنان والزمام يريد أنها مطايا الشياطين ومنه قوله إن على ذروة كل بعير شيطانا، وقال في النهاية: " ولا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم " يعنى الشمال ومنه قولهم لليد الشمال الشومى تأنيث الأشأم يريد بخيرها لبنها لأنها إنما تحلب وتركب من جانبها الأيسر (انتهى) وقال الجوهري:
" الوحشي الجانب الأيمن من كل شئ هذا قول أبى زيد وأبى عمرو، قال عنترة:
" وكأنما تنأى بجانب دفها - * - الوحشي من هزج العشى مأوم " وإنما تنادى بالجانب الوحشي لأن سوط الراكب بيده اليمنى، وقال الراعي:
" فمالت على شق وحشيها * وقد ريع جانبها الأيسر " ويقال: ليس من شئ يفزع إلا مال على جانبه الأيمن لأن الدابة لا تؤتى من جانبها الأيمن وإنما تؤتى في الاحتلاب والركوب من جانبها الأيسر فإنما خوفه منه والخائف إنما يفر من موضع المخافة إلى موضع الامن وكان الأصمعي يقول: الوحشي الجانب الأيسر من كل شئ، وفى المصباح المنير: الوحشي من كل دابة الجانب الأيمن قال الأزهري: قال أئمة العربية: الوحشي من جميع الحيوان غير الانسان الجانب الأيمن وهو الذي يركب منه الراكب ولا يحلب منه الحالب والانسى الجانب الآخر وهو الأيسر وروى أبو عبيد عن الأصمعي أن الوحشي هو الذي يأتي منه الراكب ولا يحلب منه الحالب لأن الدابة تستوحش عنده فتفر منه إلى الجانب الأيمن، قال الأزهري: وهو غير صحيح عندي، قال ابن الأنباري: ويقال: ما من شئ يفزع إلا مال إلى جانبه الأيمن لأن الدابة إنما تؤتى للحلب والركوب من الجانب الأيسر فتخاف منه فتفر من موضع المخافة وهو الجانب الأيسر إلى موضع الامن وهو الجانب الأيمن فلهذا قيل:
الوحشي الجانب الأيمن (انتهى)