وحكمه عليه السلام بتقسيم الدرهم الثاني بينهما الظاهر في التقسيم بالسوية هو مقتضى قاعدة العدل والانصاف التي استعملها الفقهاء في موارد كثيرة فيكون ما ذكره في الشرايع مطابقا لما هو مضمون الرواية وكون الدرهم ونصفه لمدعي الاثنين أيضا مقتضى قاعدة الاقرار من مدعي الواحد فإنه نفى عن نفسه قاعدة سماع قول المدعي بلا معارض بدون تكليفه بالبينة.
وما ذكره جمع من الأساطين كالعلامة في التذكرة، (1) والشهيد في الدروس (2) من حلف كل واحد منهما فيحلف مدعي الاثنين لمدعي الواحد بان نصف الدرهم مما صار بيدي ليس لك ولو نكل يؤخذ منه ويعطى لمدعي الواحد ويحلف مدعي الواحد على الإشاعة لمدعي الاثنين ان هذا النصف الذي صار بيدي ليس لك ولو نكل يعطى لمدعي الاثنين.
والسر في ذلك: أن كل واحد منهما مدع ومنكر فمدعي الواحد مدع للنصف من الدرهم الذي صار في يد مدعي الاثنين وهو منكر ومدعي الاثنين مدع للنصف الذي يعطى لمدعي الواحد على الإشاعة وهو منكر فيجب اجراء القاعدة المعروفة " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " فهاهنا مدعيان ومنكران وحيث إن المفروض عدم وجود بينة في المقام فيجب ان يحلف كل واحد منهما للاخر فلو لم يحلف أحدهما لا يعطى ذلك النصف المتنازع فيه كما أنه لو رد كل واحد من المنكرين الحلف إلى الطرف الذي هو مدع وهو نكل فلا يستحق ذلك النصف ولو حلفا جميعا أو نكلا جميعا أيضا، يقسم بينهما بالسوية لقاعدة العدل والانصاف المذكورة.
وخلاصة الكلام: أن من بيده النصف مدع للنصف الآخر ومن بيده الدرهم والنصف منكر، ومن بيده الدرهم والنصف مدع للنصف الآخر الذي بيد طرفه، وهو منكر فيكون الامر كما ذكرنا.