الامر مجانا وبلا عوض فلا يضر بصحته صيرورته كذلك - أي مجانا - بعد ظهور أن العوض المذكور ليس بمال أو ليس له وإن كان مالا.
لكنه توهم عجيب: لان الصلح وان لم يؤخذ في حقيقته كونه ذا عوض ويمكن أن يقع مجانا وبلا عوض ولكن إذا أنشأ التسالم والموافقة على امر بعوض يصل إلى المصالح، فإذا لم يصل إليه شئ اما لأجل أنه ليس بمال أو ليس له فقد تخلف ما وقع عما هو مقصود الطرفين، فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد والعقود تابعة للقصود.
فكما ان التمليك لم يؤخذ في حقيقته أن يكون بعوض ولذلك قد يكون بلا عوض كالهبة الغير المعوضة ولكن إذا أنشئ بعوض كالبيع مثلا ولم يكن العوض للطرف، بعد العقد بان أنه ليس له أو ظهر أنه ليس بمال عرفا أو شرعا وإن كان ملا عند العرف لكن الشارع أسقط ماليته فذلك العقد باطل.
فكذلك فيما نحن فيه - أي الصلح - وإن لم يؤخذ في حقيقته العوض لكن إذا أنشأ بعوض، يكون العوض من أركان ذلك العقد ومع فقده يبطل ذلك العقد.
وأما النقض بالنكاح بأن المهر المعين في عقده إذا بان انه ملك للغير أو متعلق حق الغير كأن يكون مرهونا مثلا فجعله مهرا بدون إذن المرتهن أو كان غير مال شرعا كالخمر والخنزير فلا يبطل العقد بل يرجع إلى بدله أو إلى مهر المثل أو غير ذلك مما قيل في تلك المسألة فلا ينبغي أن يتوهم لأن المرأة ليست عوضا عن المهر ولا المهر عوض منها. وقوله عليه السلام: " إنما يشتريها بأغلى الثمن " (1) من باب التشبيه بالبيع، وإلا فذات المرأة حرة لا أمة ليتقدر بمال والبضع من منافعها وليست عينا كي يصح بيعه.
وبعبارة أخرى: النكاح ليس من العقود المعاوضية بل لزوم المهر فيه حكم