الثالث أن يكون المراد منه ان الذي ارتكب البا جهلا بالحكم أو الموضوع ثم التفت إلى النهي فله ما سلف ولا يجب رد ما ليس بمعزول ولا معلوم أنه ربا، بل كان مخلوطا ومشاعا، فيكون له حلال ويجوز أكله.
وهذا المعنى متعين لهذه الآية لاستشهاد الإمام عليه السلام بهذه الآية لحلية أكل الربا المتقدم الذي ارتكبه جهلا بالحكم أو الموضوع في الروايات المتعددة حيث قال عليه السلام مخرجك من كتاب الله ثم تلا هذه الآية.
ولا يرد على هذا المعنى ما أشكلنا على المعنى الأول من المناقضة مع قوله تعالى وان تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وذلك من جهة ان هذه الآية في مورد الجهل حكما أو موضوعا، واما قوله تعالى وان تبتم فلكم رؤس أموالكم في صورة التعمد والعلم بالحكم والموضوع.
وخلاصة القول أن هذه الآية بضميمة استشهاد الإمام عليه السلام بها على حلية أكل الربا فيما إذا كان ارتكابه في حال الجهل به حكما أو موضوعا فيما إذا لم يكن المأخوذ رباء معلوما ومعزولا، بل كان مختلطا ومشاعا خصوصا إذا لم يعرف أهله اي صاحب تلك الزيادة تدل على التفصيل الذي اخترناه، فالآية الشريفة كالاخبار المتقدمة دليل على هذا القول.
المسألة الثانية عشر إذا تعاملا بين شيئين رطبين متحدي الجنس كالعنب بالعنب أو الرطب بالرطب، مثلا وكانت المعاملة صادرة من الفضول فأجاز الأصيل بعد مدة يبس أحد العوضين ونقص عن وزن ما يقابله إن كانا من الموزون أو عن كيله إن كانا من المكيل، فهل مثل هذه المعاملة صحيحة أو فاسدة؟.
لا يبعد ابتناء المسألة على الكشف الحقيقي والنقل، فان قلنا بالأول فالمعاملة صحيحة، وإن قلنا بالنقل تكون فاسدة لكونها من الربا المحرم، وأما الكشف الحكمي فلا أثر له في هذا المقام لأنه في الحقيقة نقل لا كشف.