ألا ترى أن الاقط مع الدهن فيما إذا اخذا من حليب واحد اسمان وعنوانان مختلفان، بل يمكن أن يقال هما نوعان ومهيتان، ومع ذلك له عدهما الأصحاب من جنس واحد لرجوعهما إلى أصل واحد، فكل واحد منهما بعض من ذلك الحليب الذي اخذا منه.
فإذا أحطت بما ذكرنا تعرف ما في كلام إدريس (1) أنه لا خلاف بين المسلمين العامة والخاصة ولا بين أهل اللغة واللسان في أنهما مختلفان، وأنه لم يذهب إلى الاتحاد غير شيخنا أبي جعفر والمفيد ومن قلده في مقالته من العجب والغرابة.
وأما استشهاده بفتاوى ابني بابويه أي الصدوقين والمرتضى أعلى الله مقامهم من عدم البأس ببيع الواحد بالاثنين إذا اختلف الجنس ففي غير محله، من جهة أن الدعوى هاهنا أنهما من جنس واحد باعتبار أنهما من أصل واحد، فقياسهما بمختلفي الجنس وإدراجهما فيه لا يجوز، وأما ذهاب ابن عقيل وابن الجنيد (2) إلى جواز بيعهما بأن يكونا العوضين مع التفاضل، فلا يضر بما ذكرنا لوضوح الدليل فيما هو خلاف ما أفادا، فلا ينبغي التأمل في عدم جواز بيع الحنطة بالشعير مع التفاضل في أحدهما، بل لابد وأن يكون مثلا بمثل وزنا أو كيلا.
المسألة الثانية قال في الشرائع (3) ثمرة النخل جنس واحد وإن اختلفت أصنافه فلا يجوز بيع من من الخستاوي الذي هو من الصنف الجيد مثلا بمنين من الدقل الذي هو من الصنف الردي وهكذا الامر في الزاهدي والبرني والدقل، فلا يجوز بيع مد من البرني بمدين من الدقل.