الاجماع من باب أن اتفاق هذا العدد الكثير من الفقهاء على حكم مع اختلاف أعصارهم وبلدانهم وسلائقهم وتعبد جمع كثير منهم بالعمل بالاخبار المروية عن المعصومين وعدم اعتنائهم بالاستحسانات والظنون وعمل جمع آخر على طبق تلك الأمور، وعدم مدرك من آية أو رواية يدل على ثبوت هذا الحكم الذي اتفقوا عليه.
فيستكشف من مثل هذا الاتفاق تلقيهم هذا الحكم من المعصوم عليه السلام أو وجود دليل معتبر عند الكل كخبر قطعي الصدور وقطعي الدلالة، ولكن نحن لم نجده لضياعه بطول الزمان وأنت خبير بأن مثل هذا المعنى لا يضر به مخالفة عدة قليلة خصوصا إذا علمنا بأن اعتمادهم على أخبار ضعيفة معرضة عنها.
نعم ها هنا إشكال آخر على هذا الاجماع ذكرناه مرارا في هذا الكتاب في أمثال المقام، وهو أن الاتفاق الذي من المحتمل القريب أن يكون اعتمادهم على الآية الموجودة في المقام أو الروايات الموجودة كذلك بل صرح بعضهم بذلك كما أن ما نقلناه عن ابن زهرة في الغنية من استدلاله بالآية على نجاسة الخمر بعد ادعائه عدم الخلاف ممن يعتد به، فمثل هذه الاجماعات لا اعتبار لها ولابد من مراجعة مداركها.
الثاني قوله تعالى: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. (1) ولا يخفى أن الاستدلال بهذه الآية على نجاسة كل مسكر مايع بالأصالة على تقدير دلالتها على نجاسة الخمر منوط بأحد هذه الأمور:
اما أن يكون كل مسكر خمرا حقيقة وموضوعا كما حكينا عن صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله أن كل مسكر خمر (2)