من الضروري أنه تعالى ليس بجسم ولا شبيه بخلقه في كونه محلا للعوارض والطواري.
فالقول بأنه جسم أو شبيه بالمخلوقات إنكار للضروري فان قلنا بأن إنكار الضروري سبب مستقل للكفر وإن لم يكن موجبا لتكذيب النبي صلى الله عليه وآله فحالهم معلوم وأما إن قلنا بأنه ليس سببا مستقلا فإن كان ملتفتا إلى لوازم ما يقول من أن التجسم واحتياجه إلى المكان والحيز ينافي القدم ووجوب الوجود فهو كفر، لأنه في الحقيقة بناء على هذا لم يذعن بوجود صانع قديم فليس مقرا بالله خالق السماوات والأرضين.
وأما القول بأن التجسيم والتشبيه بالنسبة إليه تعالى ليس إنكارا للضروري، لان ظاهر بعض الآيات وبعض الأخبار يوهم ذلك، فلا يخلو من غرابة، وعلى كل حال لا شك في أن التجسيم كفر بالله العظيم، إلا أن يكون ضعيف العقل قاصرا عن فهم لوازم كلامه.
الأمر السادس القائلون بوحدة الوجود من الصوفية بمعنى أنه ليس في عالم الوجود إلا وجود هو الله تعالى فيدعون أن وجود جميع الموجودات ليس أمرا مباينا مع وجود الله جل جلاله بل هي عينه تعالى.
وخلاصة الكلام والأقوال في هذه المسألة هو أنه بناء على أصالة الوجود واعتبارية الماهية فالوجودات المنسوبات إلى الأشياء المحمولات على موضوعاتها إما حقائق متباينة بتمام ذواتها البسيطة كما يقول به المشاؤن، وهذا القول والرأي لا اشكال فيه شرعا ولا يخل بالاعتقادات، وإن أشكل عليه أيضا بعض بأنه لا يمكن اثبات وحدانيته تعالى مع اتخاذ هذا الرأي، ولا يمكن دفع شبهة الثنوية المنسوبة إلى ابن كمونة (1) ولكن على فرض صحة هذا الكلام هذا من اللوازم البعيدة المغفول عنها