ومنها: قوله تعالى: (فإن فائت فأصلحوا بينهما بالعدل) (1) ومنها: قوله تعالى: (أو إصلاح بين الناس) (2) وهذه الآيات صريحة في إمضاء الشارع الأقدس الصلح المتعارف بين أهل العرف والعقلاء، وتدل على حسنه ومطلوبيته عنده، سواء كان إيقاعه بعقد الصلح، أو كان بعمل، أو قول ليس بعقد.
وبعبارة أخرى: حقيقة الصلح عبارة عن التراضي والتسالم والموافقة على أمر، سواء كان ذلك الامر مالا من الأموال، عروضا كان ذلك المال أو كان من النقود على أقسامها، أو كان ذلك الامر الذي اتفقا فيه وتسالما وتراضيا عليه من الأعمال، أو كان غير ذلك، وسواء أنشأ ذلك التسالم بصيغة عقد الصلح أو بغير ذلك، وسواء كان مسبوقا بالخصومة أو ملحوقا بها أو كان متوقعا حصولها، ففي جميع هذه الموارد المذكورة يصدق إطلاق " الصلح " عليها إطلاقا حقيقيا، لا عنائيا مجازيا. وسنذكر إن شاء الله عدم دخالة هذه الأمور في تحقق الصلح وإطلاقه من ناحية هذه القيود.
إذا عرفت ما ذكرنا تعرف دلالة جميع الآيات المذكور على صحة الصلح، وإمضاء الشارع الأقدس لما عليه بناء العقلاء في باب الصلح من اختصاصه بصنف دون صنف وقسم دون قسم.
الثاني: من مداركها الروايات:
منها: النبوي الذي رواه العامة والخاصة: " الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ". (3)