إلا أن يقال: إن اعتماد المتفقين في هذا الحكم على المدارك الآتية فليس من الاجماع المصطلح الأصولي الذي نقول بحجيته.
الثاني قوله تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام. (1) وتقريب الاستدلال بهذه الآية الشريفة على نجاسة الكفار وتقريره: أما بالنسبة إلى المشركين أي عبدة الأصنام والثنوية فواضح لا يحتاج إلى البيان.
وأما بالنسبة إلى المنكرين لأصل الألوهية الذين لا يقولون بوجود خالق للعالم فبالأولوية القطعية، لان منشأ هذه النجاسة هو خبث النفس ودنائتها، ولا شك أن مثال هذا المعنى في الماديين المنكرين لوجود الصانع الحكيم ثبوته بنحو أشد، لان الخباثة والدنائة في نفوسهم أزيد واكد.
وأما بالنسبة إلى أهل الكتاب: أما المجوس على القول بأنهم منه فواضح، لأنهم الثنوية القائلون بمبدئين ويعبرون تارة بالنور والظلمة، وأخرى بيزدان الذي هو مبدء الخيرات عندهم وأهرمن الذي هو مبدء الشرور باعتقادهم.
وأما بالنسبة إلى اليهود والنصارى فلاطلاق المشرك عليهم في الكتاب العزيز في قوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله إلى قوله تعالى شأنه سبحانه عما يشركون (2) فنسب اليهود والنصارى إلى الشرك بقوله سبحانه عما يشركون.
وأشكل على الاستدلال بهذه الآية بوجوه:
الأول أن النجس بفتح الجيم مصدر ولا يحمل المصدر على الذات إلا بتقدير ذو فيكون معنى الآية بناء على هذا أن المشركين ذو نجاسة، ومن هذا لا يستفاد أنها