من الجوع والعطش، وأنه مات في حبسه من الجوع والعطش. وأنه علم أن الواجب عليه بذلك القصاص. وسأل الحاضر الثاني ولي المقتول المذكور العفو عن القصاص إلى الدية. فأجابه إلى ذلك، ورضي منه بالدية، وعفا عن القصاص.
فسأله ثانيا: أن يقبض الدية دراهم أو دنانير. فأجابه إلى ذلك. ورضي بقبض الدية دراهم أو دنانير، على مذهب من يرى ذلك من السادة العلماء رضي الله عنهم أجمعين.
وأن الحاضر الأول دفع إلى الحاضر الثاني ما مبلغه اثنا عشر ألف درهم، أو ما مبلغه ألف دينار، وارثه. فقبض ذلك منه بحضرة شهوده - وإن قبضها على مذهب أبي حنيفة.
فتكون عشرة آلاف درهم - قبضا شرعيا، تاما وافيا، وهو مبلغ الدية التي عفا عليها القابض المذكور أعلاه، ولم يتأخر له بسبب ذلك مطالبة، ولا شئ قل ولا جل. ويكتب براءة شاملة بينهما. ويكمل على نحو ما سبق.
وإن لم يرض الولي إلا بالإبل. فالواجب دية العمد.
وإن اتفقا على البقر: فمائتا بقرة. أو على الغنم: فألفا شاة. وحيث وجب القصاص، وتراضيا على الدية. وجب دية العمد.
وصورة وجوب القصاص على المكره، والعدول منه إلى الدية: حضر إلى شهوده فلان وفلان. وأقر الحاضر الأول: أنه أكره فلانا باليد العادية، والقوة الغالبة، حتى قتل فلانا ولد الحاضر الثاني، وأزهق روحه بسيف، أو بمثقل. فمات منه، وسأل ولي المقتول العفو عن القصاص، والعدول إلى الدية. وهي اثنا عشر ألف درهم. فأجاب إلى ذلك، ورضي منه بالدية المذكورة. فدفع المبلغ المذكور إليه، فقبضه منه قبضا شرعيا.
وإن اتفقا على عشرة آلاف درهم. كتب ذلك لموافقة مذهب أبي حنيفة، ثم يكمل بالابراء على نحو ما تقدم شرحه.
وهذه الصورة جائزة عند الثلاثة، إلا مالكا. فإن الاكراه لا يتأتى عنده إلا من سلطان، أو متغلب، أو سيد مع عبده. فإذا أكره السيد عبده على قتل آخر فقتله. فهذه الصورة تصح عند مالك. فالجناية على السيد وعلى عبده. فإنها عنده على المكره والمكره جميعا. هذا إذا كان العبد يعرف لسان سيده، فإن كان السيد عربيا والعبد أعجميا. فلا يجب عنده على العبد شئ. وبالعكس أيضا. وإن كتب ذلك على مذهب مالك وأحمد. فيجب القصاص على السيد وعلى عبده إذا كان العبد مستعربا غير أعجمي.