كتاب الدعوى والبينات وما يتعلق بها من الأحكام المدعي في اللغة: هو من ادعى شيئا لنفسه، سواء كان في يده أو في يد غيره.
وفي الشرع: هو من ادعى شيئا في يد غيره، أو دينا في ذمته.
والمدعى عليه في اللغة والشرع: هو من ادعى عليه بشئ في يده، أو في ذمته.
وقال الشافعي رحمه الله في موضع: المدعي من يدعي أمرا باطنا، والمدعى عليه من يدعي أمرا ظاهرا. وقال في موضع آخر: المدعي من إذا سكت ترك وسكوته.
والمدعى عليه من لا يترك وسكوته.
والدعاوى على ضربين. أحدهما: فاسد. والآخر: صحيح. فأما الفاسد: فثلاثة أنواع. أحدها: أن يدعي محالا، مثل أن يدعي مثل جبل أحد ذهبا أو فضة، أو نحو ذلك. والثاني: أن يدعي دعوى أبطلها الشرع، مثل من يدعي ثمن كلب أو خنزير، أو ثمن ما يتناسل منهما، أو ثمن ميتة أو نجاسة، مائعة كانت أو جامدة، أو ثمن شئ حرام حرمه الشرع. مجمع عليه أو مختلف فيه. والثالث: أن يدعي من لا قول له، كالصبي والمجنون والمحجور عليه بسفه.
فأما الدعوى الصحيحة: فإنها مسموعة. فإن أقر بها المدعى عليه وإلا حلف. إن لم يكن للمدعي بينة إلا في خمس مسائل:
إحداها: أن يدعي على صبي أنه بالغ. فأنكر الصبي. والثانية: أن يدعي على رجل مالا، ثم يقر به لولده الطفل. والثالثة: أن يدعي عقدين في عقد واحد. فيقر المدعى عليه بأحدهما وينكر الآخر، مثل: بيع وإجارة، أو نكاح وخلع. والرابعة: أن يدعي على حاكم أنه جائر في حكمه. والخامسة: أن يدعي على شاهد أنه شهد بالزور. فأتلف ما أوجبت شهادته. فعليه الغرامة إذا أقام البينة، وإن لم يقم البينة فعلى المدعى عليه اليمين على أحد الوجهين. والوجه الآخر: أن يحلف المدعي.