ثلث دية المسلم. والأخرى: مثل نصف دية المسلم. وهي اختيار الخرقي.
وصورة ذلك: حضر إلى مجلس الحكم العزيز الفلاني فلان اليهودي أو النصراني.
وأحضر معه فلان الشريف الحسيني، أو المسلم الأصلي. وادعى عليه لدى الحاكم المشار إليه: أنه عمد إلى ولده فلان، وضربه بسيف أو سكين أو غير ذلك، ضربة أو أكثر. فأزهق روحه - فهذا قتل العمد، وهو في مال القاتل - أو ضرب بسهم إلى غاية، أو طير، أو شجرة. فأصابه السهم. فمات منه - فهذا قتل الخطأ. وفيه: الدية على عاقلة القاتل - أو ضربه بسوط أو عصا، أو غرز في دماغه إبرة، وما أشبه ذلك، حتى مات - وهذا شبه عمد - وقد بينا دية العمد، ودية الخطأ، ودية شبه العمد. وذكرنا الخلاف في ذلك بين العلماء في الصورة التي تقدمت. وسأل سؤاله عن ذلك. فسأله الحاكم المشار إليه. فأجاب بالاعتراف. فحينئذ سأل ولي المقتول الحاكم المشار إليه الحكم له بدية ولده على مقتضى مذهبه ومعتقده. فأجابه إلى سؤاله. وحكم على القاتل المذكور بالدية على ما هي مقدرة عنده حكما صحيحا شرعيا، تاما معتبرا مرضيا، مسؤولا فيه، مستوفيا شرائطه الشرعية، مع العلم بالخلاف. ويكمل على نحو ما سبق.
صورة دعوى على رجل قتل عبد غيره عمدا: ووجوب القصاص على القاتل عند أبي حنيفة، خلافا للباقين. فإنه لا يقتل عندهم قاتل العبد بحال. وعند أبي حنيفة: إذا عدل عن القصاص إلى القيمة. فالواجب قيمة العبد بحيث لا تبلغ القيمة مقدار الدية، بل تنقص عشرة دراهم. والواجب عند مالك والشافعي وأحمد في إحدى روايتيه - وهي التي اختارها الخرقي - قيمة العبد بالغة ما بلغت. والرواية الأخرى عند أحمد: أنه لا يبلغ بها دية الحر، ولم يقدر بالنقصان.
حضر إلى مجلس الحكم العزيز بين يدي سيدنا فلان الدين الحنفي فلان، وأحضر معه فلانا. وادعى عليه: أنه عمد إلى عبده فلان بن عبد الله. وضربه بسيف فمات من تلك الضربة، أو فمات منه. وسأل سؤاله عن ذلك.
فسأله الحاكم المشار إليه. فأجاب بالاعتراف أو بالانكار. فأحضر المدعي المذكور بينة شهدت له بذلك لدى الحاكم المشار إليه في وجه الخصم المذكور، وهم فلان وفلان وفلان. عرفهم الحاكم وسمع شهادتهم. وقبلها بما رأى معه قبولها. وثبت ذلك عنده ثبوتا صحيحا شرعيا.
فحينئذ خير الحاكم المشار إليه سيد العبد بين القصاص والقيمة، فاختار القيمة.
وسأل الحاكم الحكم له بها على القاتل.