كتاب العدد وما يتعلق بها من الأحكام الأصل في وجوب العدة قوله تعالى: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) *.
وجملة ذلك: أن الزوجة يجب عليها العدة بطلاق الزوج أو بوفاته.
فأما عدة الطلاق: فينظر فيها. فإن طلقها قبل الدخول بها والخلوة لم تجب العدة، لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا) * (الأحزاب: 94).
وإن طلقها بعد أن دخل بها، وجبت عليها العدة. لان الله تعالى لما لم يوجب عليها العدة إذا طلقت قبل الدخول، دل على أنها تجب عليها العدة بعد الدخول. لان رحمها قد صار مشغولا بماء الزوج. فوجبت عليها العدة لبراءته منه.
وإن طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول. فقد نص الشافعي، في الجديد، على أن الخلوة لا تأثير لها في استقرار المهر، ولا في إيجاب العدة، ولا في قوة قول من يدعي الإصابة. وسيأتي الخلاف بين العلماء رضي الله عنهم في ذلك.
وعدة النساء قسمان. أحدهما: يتعلق بفرقة تحصل بعد الدخول، كما تقدم.
فإذا وجبت العدة على المطلقة، فلا يخلو: إما أن تكون حاملا أو حائلا. فإن كانت حاملا لم تنقض عدتها إلا بوضع الحمل، حرة كانت أو أمة. لقوله تعالى: * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * (الطلاق: 4) ولأن العدة تراد لبراءة الرحم. وبراءة الرحم تحصل بوضع الحمل، لقوله (ص) في السبايا: لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض.