يحنث. ولو حلف لا يسكن، ولا يساكن، ولا يلبس، ولا يركب. فإن خرج أو نزع أو ترك، وإلا حنث. ولو حلف لا يأكل هذه التمرة، ولا يخرجها، ولا يمسكها. ولا يرمي بها. فأكل بعضها لم يحنث. ولو حلف لا يأكل هذه التمرة، فسقطت في تمر. فأكل الكل إلا تمرة واحدة لم يحنث، حتى يتيقن أنه قد أكلها. والورع أن يحنث نفسه. ولو حلف لا يأكل الحنطة، فأكل دقيقا أو سويقا: لم يحنث. ولو حلف أن لا يكلم فلانا، فسلم على قوم والمحلوف عليه فيهم، ولم ينوه بقلبه، أو كتب إليه كتابا، أو أرسل إليه رسولا: لم يحنث. وكذا لو حلف لا يأكل شيئا فشربه، أو لا يشرب شيئا فذاقه.
الخلاف المذكور في مسائل الباب:
اتفق الأئمة رحمهم الله تعالى على أن من حلف على يمين في طاعة، لزمه الوفاء بها. وهل له أن يعدل عن الوفاء إلى الكفارة، مع القدرة عليها؟ قال أبو حنيفة وأحمد:
لا. وقال الشافعي: الأولى أن لا يعدل. فإن عدل جاز ولزمته الكفارة. وعن مالك روايتان. كالمذهبين.
واتفقوا على أنه لا يجوز أن يجعل اسم الله عرضة للايمان يمنع من بر وصلة، وأن الأولى: أن يحنث ويكفر إذا حلف على ترك بر. ويرجع في الايمان إلى النية.
واتفقوا على أن اليمين بالله تعالى منعقدة. وبجميع أسمائه الحسنى، كالرحمن الرحيم، والحي، وبجميع صفات ذاته: كعزة الله وجلاله، إلا أن أبا حنيفة: استثنى علم الله. فلم يره يمينا.
واختلفوا في اليمين الغموس - وهي الحلف بالله على أمر ماض، متعمدا للكذب به -:
هل لها كفارة أم لا؟ قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى روايتيه: لا كفارة لها.
لأنها أعظم من أن تكفر. وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: تكفر. وأما إذا حلف على أمر في المستقبل أن يفعله، أو لا يفعله. فإذا حنث وجبت عليه الكفارة بالاجماع.
فصل: ولو قال: أقسم بالله، أو أشهد بالله. فقال أبو حنيفة وأحمد: هي يمين، وإن لم يكن له نية. وقال مالك: متى قال: أقسم بالله أو أقسمت. فإن قال بالله لفظا ونية. كان يمينا. وإن لم يتلفظ به ولا نواه فليست بيمين.
وقال الشافعي فيمن قال: أقسم بالله إن نوى به اليمين كان يمينا، وإن نوى الاخبار فلا.