في مقتله إبرة، أو غرز في دماغه أو حلقه إبرة، فتورم ومات منه، أو مات في الحال - وصدق على أن هذا الفعل قتل شبه العمد، وأنه يقتضي القصاص. وسأل الولي أن يعفو عن القصاص، ويعدل إلى الدية على مذهب من يرى ذلك من السادة العلماء رضي الله عنهم أجمعين. فأجابه الولي إلى ذلك، إذ العدول عن القصاص إلى الدية من رضى الجاني. وهي عند أبي حنيفة وأحمد مثل دية العمد المحض من أربعة أسنان: خمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة. وهي على مذهب مالك والشافعي من ثلاثة أسنان: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة. وأربعون خلفة في بطونها أولادها. فرضي منه بذلك، وأجابه إليه. وتسلم منه الدية المذكورة من أربعة أسنان، أو من ثلاثة أسنان، على ما يتفقان عليه، تسلما شرعيا تاما كاملا وافيا. ويكتب بينهما براءة على نحو ما تقدم شرحه.
وإن تراضيا على الإبل بالدراهم. فعند الشافعي: يعطي قيمة الإبل بالغة ما بلغت.
ولا يعدل عن الإبل إذا وجدت إلا بالتراضي. وإن أعوزت الإبل فقولان للشافعي، القديم: أنه يعدل إلى ألف دينار، أو اثني عشر ألف درهم. والجديد: تجب القيمة حين القبض. وعند أبي حنيفة وأحمد: الدية مقدرة بالدنانير والدراهم. ويجوز أخذها مع وجود الإبل. وعند مالك: أن الدراهم والدنانير أصل بنفسها، مقدرة في الذمة، ولم يعتبر الدية بالإبل. ومبلغها من الدراهم عند أبي حنيفة: عشرة آلاف درهم. وعند الباقين: اثنا عشر ألف درهم، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك مبينا.
وفي البقر والغنم والحلل. وهل هي أصل في الدية، أم تؤخذ على وجه القيمة؟
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس لشئ من ذلك أصل في الدية، ولا هو مقدر.
وإنما يرجع إليه بالتراضي على وجه القيمة. وقال أحمد: البقر والغنم أصلان مقدران في الدية. فمن البقر: مائتا بقرة. ومن الغنم: ألفا شاة.
واختلفت الرواية في الحلل. فروي عنه: أنها مقدرة بمائتي حلة. كل حلة إزار ورداء. وروي عنه: أنها ليست ببدل.
فإذا اتفق الخصمان على شئ من هذه الأشياء: نزل الكاتب الصورة على أوضاعها الشرعية المتفق عليها، الموافقة لاحد هذه المذاهب الأربعة مع مراعاة الايضاح.
وصورة وجوب القصاص على من حبس آخر حتى مات جوعا: حضر إلى شهوده فلان وفلان. وتصادقا على أن الحاضر الأول حبس ولد الحاضر الثاني فلان الرجل الكامل، ومنعه من الخروج ومن الطعام والشراب. ومن طلبهما مدة يموت مثله فيها غالبا