وصورة ما إذا أبى الولي ولم يرض إلا بالقصاص: حضر إلى مجلس الحكم العزيز الفلاني بين يدي سيدنا فلان الدين الشافعي أو المالكي فلان، وأحضر معه فلان. وادعى عليه لدى الحاكم المشار إليه: أنه قتل ولده لصلبه، فلانا عمدا محضا، ظلما وعدوانا.
وأنه ضربه بسيف، أو بمحدد، أو بمثقل - ويذكر صفة المحدد أو المثقل - ضربة أو ضربتين، أو أكثر. فمات منه، أو فأزهق روحه، وسأل سؤاله عن ذلك.
فسأله الحاكم المشار إليه؟ فأجاب بالاعتراف - أو بالانكار، أو قال: لم أفعل ذلك، أو يثبت ما يدعيه، أو يثبت ما ادعى به - فذكر المدعي المذكور أن له بينة تشهد له بذلك. وسأل الاذن في إحضارها.
فأذن الحاكم المشار إليه في ذلك. فأحضر كل واحد من فلان وفلان وفلان، وشهدوا لدى الحاكم المشار إليه في وجه المدعى عليه - إما على إقراره بذلك، أو بالمشاهدة للفعل - وأنه عمد إلى فلان ولد المدعي المذكور لصلبه وضربه بالشئ الفلاني - إما المحدد أو المثقل - الذي يقتل مثله غالبا، ضربة أو ضربتين أو أكثر فمات. عرفهم الحاكم المشار إليه. وقبل شهادتهم بما رأى معه قبولها، أو بعد التزكية الشرعية، وثبت ذلك عنده ثبوتا صحيحا شرعيا.
ولما تكامل ذلك عنده سأل المدعي المذكور الحاكم المشار إليه: الحكم له على القاتل بالقصاص، عملا بمذهبه ومعتقده. فأعذر إلى القاتل. فلم يأت بدافع شرعي واعترف بعدم الدافع والمطعن لذلك ولشئ منه، الاعتراف الشرعي. وثبت اعترافه بذلك لديه الثبوت الشرعي.
فحينئذ: نظر الحاكم المشار إليه في ذلك وتدبره. وروى فيه فكره ونظره، واستخار الله كثيرا. واتخذه هاديا ونصيرا. وأجاب السائل إلى سؤاله. وحكم على القاتل المذكور بالقصاص، إذ لا يجوز للولي العفو عن القصاص عنده، حكما صحيحا شرعيا، لموافقة ذلك مذهبه ومعتقده، مسؤولا في ذلك مستوفيا شرائطه الشرعية، مع العلم بالخلاف فيما فيه الخلاف من ذلك على نحو ما تقدم شرحه.
وللولي استيفاء القصاص بنفسه بأمر السلطان أو نائبه بأمر السلطان. وإلا فمتى وثب بنفسه كان ذلك افتئاتا على السلطان. والصورة في قتل العمد عند أبي حنيفة بالمحدد وحده. وعند الباقين بالمحدد والمثقل.
صورة شبه العمد وديته: حضر إلى شهوده في يوم تاريخه فلان وفلان. وأقر الحاضر الأول: أنه ضرب ولد الحاضر الثاني لصلبه فلان، بسوط أو عصى، حتى مات من ذلك الضرب - أو غرز