الخلاف المذكور في مسائل الباب:
أجمع الأئمة رحمهم الله تعالى على أن من قذف امرأته، أو رماها بالزنا، أو نفى حملها. وأكذبته ولا بينة له: أنه يجب عليه الحد، وله أن يلاعن وهو أن يكرر اليمين أربع مرات بالله: إنه لمن الصادقين، ثم يقول في الخامسة: إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. فإذا لاعن لزمها حينئذ الحد. ولها درؤه باللعان. وهو أن تشهد أربع شهادات بالله: إنه لمن الكاذبين، ثم تقول في الخامسة: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
فإن نكل الزوج عن اللعان لزمه الحد عند مالك والشافعي، إلا أن الشافعي يقول:
إذا نكل فسق، ومالك يقول: لا يفسق حتى يحد. وقال أبو حنيفة: لا حد عليه، بل يحبس حتى يلاعن أو يقر.
وإن نكلت الزوجة حبست حتى تلاعن أو تقر عند أبي حنيفة، وفي أظهر الروايتين عن أحمد. وقال مالك والشافعي: يجب عليها الحد.
واختلفوا هل اللعان بين كل زوجين، حرين كانا أو عدين أو أحدهما، عدلين كانا أو فاسقين، أو أحدهما؟ فعند مالك: إن كل مسلم صح طلاقه صح لعانه، حرا كان أو عبدا، عدلا كان أو فاسقا. وبه قال الشافعي وأحمد، غير أن الكافر يجوز طلاقه ولعانه عند الشافعي وأحمد. والكافر عند مالك لا يقع طلاقه. لان أنكحة الكفار عنده فاسدة، فلا يصح لعانه.
وقال أبو حنيفة: اللعان شهادة. فمتى قذف، وليس هو من أهل الشهادة، حد.
وهل يصح اللعان لنفي الحمل قبل وضعه؟
قال أبو حنيفة وأحمد: إذا نفى حمل امرأته فلا لعان بينهما. ولا ينتفي عنه. فإن قذفها بصريح الزنا لا عن القذف، ولم ينف نسبه، سواء ولدته لستة أشهر أو لأقل. وقال مالك والشافعي: يلاعن لنفي الحمل، إلا أن مالكا اشترط أن يكون استبراؤها بثلاث حيضات أو بحيضة، على خلاف بين أصحابه.
فصل: وفرقة التلاعن بين الزوجين بالاتفاق. واختلفوا بماذا تقع؟ فقال مالك: تقع بلعانها خاصة من غير تفرقة الحاكم، وهي رواية عن أحمد. وقال أبو حنيفة وأحمد أظهر روايتيه: لا تقع إلا بلعانهما وحكم الحاكم. فيقول: فرقت بينهما. وقال الشافعي:
تقع بلعان الزوج خاصة، كما ينتفي النسب بلعانه، وإنما لعانهما يسقط الحد عنهما.