باب كيفية القصاص ومستوفيه، والخلاف فيه القصاص فيما دون النفس شيئان: جرح يشق. وطرف يقطع. والقصاص يجب فيما دون النفس من الجروح والأعضاء. لقوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص) *.
ولما روي: أن الربيع بنت معوذ - وقيل: بنت أنس - كسرت ثنية جارية من الأنصار. فعرضوا عليهم الأرش، فلم يقبلوا. وطلبوا العفو، فأبوا. فأتوا النبي (ص). فأمر بالقصاص. فقال أنس بن النضر: والذي بعثك بالحق نبيا لا تكسر ثنيتها. فقال النبي (ص): كتاب الله، القصاص. فعفا القوم. فقال (ص): إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره.
ولان القصاص في النفس إنما جعل لحفظ النفوس. وهذا موجود فيما دون النفس.
فعلى هذا: كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما فيما دون النفس. فتقطع يد الحر المسلم بيد الحر المسلم، ويد الكافر بيد الكافر، ويد المرأة بيد المرأة. وهذا إجماع. وتقطع يد المرأة بيد الرجل، ويد الرجل بيد المرأة، ويد العبد بيد الحر والعبد، على خلاف فيه.
والأطراف المقدرة إذا صدر الصلح على الدية فيها هي:
الأول منها: الأذنان. ففيهما - على المذهب، ولو من أصم دية واحدة - نصف دية. وفي بعضه بقسطه، بقدر مساحته. ولو أيبسهما فدية. وفي قول: حكومة.
الثاني: العينان. ففيهما دية. وفي إحداهما نصفها. ولو عين أحول وأعمش وأعشى وأخفش. وكذا من بعينه بياض لا ينقص الضوء. وكذا في القصاص. فإن نقصت فبقسطه. فإن لم ينضبط فحكومة.
الثالث: الأجفان الأربعة. وفيها دية. وفي كل جفن ربعها، ولو من أعمى وأعمش. وفي بعضه بقسطه. وفي يابس: حكومة.
الرابع: الانف. ففي الانف - وهو مالان من الانف - دية في كل من طرفيه، في المارن ثلث الدية. وفي الحاجز حكومة. وفيهما دية.
الخامس: الشفتان. وفيهما دية. وفي إحداهما: نصفها. وفي بعضها بقسطه. وهي في عرض الوجه: إلى الشدقين. وفي طوله: من جوف الفم إلى ما يستر اللحية في