الديات من الحر المسلم، والكتابي الذمي، وغير الكتابي، والذكر والأنثى. وهي كالديات الواجبة في فوات النفس في قتل العمد.
حضر إلى مجلس الحكم العزيز الفلاني فلان وفلان. وادعى الحاضر الأول على الحاضر الثاني، لدى الحاكم المشار إليه: أنه قلع عينه اليمنى أو اليسرى، أو ضربه.
فأزال ضوء عينه اليمنى أو اليسرى، أو قطع أجفان عينيه، أو قطع أنفه، أو أذنيه، أو أذنه اليمنى، أو اليسرى، أو ضربه فقلع سنه الفلاني - إما ثنيته أو رباعيته، أو ضرسه الأسفل أو الاعلى - أو قلع جميع أسنانه. وسأل سؤاله عن ذلك.
فسأله الحاكم المشار إليه. فأجاب بالاعتراف. فسأل المدعي المذكور الحاكم المشار إليه: الحكم عليه بالقصاص. فسأل المدعى عليه المذكور المدعي العفو عن القصاص والعدول إلى دية العين أو الانف أو الاذن أو الأسنان المقدرة في ذلك على الوجه الشرعي. فأجابه إلى ذلك ورضي به.
ثم سأل الحاكم المشار إليه: الحكم على الجاني بدية عينه. فأجابه إلى ذلك وحكم له بخمسين من الإبل، مفصلة من الأسنان، معينة في دية النفس. وهي دية عين المدعي المجني عليه المذكور حكما شرعا - إلى آخره. ويكمل على نحو ما سبق.
وكذلك تكتب صور الدعاوي في جميع ما يجب من الديات. ويتصور في العينين ديتان كاملتان، كما لو فقأ الحدقتين، وقطع الأجفان الأربعة، أو أزال ضوء عينيه وقطع الأجفان الأربعة.
وطريق التوصل إلى معرفة مقدار ما نقص من ضوء عيني المجني عليه، ليحكم الحاكم له بحقه من الدية: هو أن يجلس المجني عليه في مكان، ويجلس إلى جانبه رجل آخر صحيح النظر. ثم يقف بين يديهما رجل آخر، ووجهه إليهما. ثم يمشي إلى ورائه، وهما ينظران إلى وجهه إلى أن لا يحققا النظر إلى مقلتيه. وهل هو مغمض عينيه أم لا؟ فإن تساويا في ذلك: لم يكن نقص من ضور عيني المجني عليه شئ. وإن خفي على المجني عليه معرفة كون الماشي مفتوحة عيناه أو مغموضتان. وقال: لا أدري، هل هما مفتوحتان أو مغموضتان؟ فيجعل عند رجل الماشي علامة. ثم يمشي إلى ورائه، والرجل الجالس إلى جانب المجني عليه ينظر في حدقتي الماشي. فحين يخفي عليه:
هل هما مفتوحتان أو مغموضتان، فيقف الماشي هناك، ويعلم عند قدميه علامة، ثم يذرع الأرض ما بين المجني عليه والماشي ويضبط ذلك الذرع، ثم يذرع ما بين انتهاء نظر المجني عليه وانتهاء نظر الجالس إلى جانبه. فمهما خرج حسب من الذرع الأول، وحكم للمجني عليه بقسطه من الدية.