فقال أبو حنيفة: لا تغلظ الدية في شئ من ذلك. وقال مالك: تغلظ في قتل الرجل ولده فقط.
والتغليظ: أن تؤخذ الإبل أثلاثا: ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة.
وعن مالك: في الذهب والفضة روايتان. إحداهما: لا تغلظ الدية فيهما. والأخرى:
تغلظ. وفي صفة تغليظها عنه روايتان. أشهرهما: أنه يلزم من الذهب والورق قيمة الإبل المغلظة بالغة ما بلغت.
وقال الشافعي: تغلظ في الحرم والمحرم والأشهر الحرم. وقيل: تغلظ في الاحرام. ولأصحابه وجهان. أظهرهما: لا تغلظ. ولا تغلظ عنده إلا في الإبل.
وأما الذهب والورق: فلا يدخل التغليظ فيه. وصفة التغليظ عنده: أن تكون بأسنان الإبل فقط.
وقال أحمد: تغلظ الدية. وصفة التغليظ، إن كان الضمان بالذهب والفضة: فبزيادة القدر. وهو ثلث الدية نصا عنه. وإن كان بالإبل، فقياس مذهبه: أنه كالأثمان. وأنها مغلظة بزيادة القدر لا بالسن.
واختلف الشافعي وأحمد: هل يتداخل تغليظ الدية أم لا؟
مثاله: قتل في شهر حرام في الحرم ذا رحم محرم. فقال الشافعي: يتداخل ويكون التغليظ فيهما واحدا. وقال أحمد: لا يتداخل، بل لكل واحد من ذلك ثلث الدية.
واتفقوا على أن الجروح قصاص في كل ما يتأتى فيه القصاص. وأما ما لا يتأتى فيه القصاص. وهو عشرة: الحارصة. وهي التي تشق الجلد. والدامية: وهي التي تخرج الدم. والباضعة: وهي التي تشق اللحم. والمتلاحمة: وهي التي تغوص في اللحم.
والسمحاق: وهي التي يبقى بينها وبين العظم قشرة رقيقة.
فهذه الجروح الخمسة ليس فيها مقدر شرعي باتفاق الأربعة، إلا ما روى أحمد:
أن زيدا رضي الله عنه حكم في الدامية ببعير. وفي الباضعة ببعيرين. وفي المتلاحمة بثلاثة أبعرة. وفي السمحاق بأربعة أبعرة قال أحمد: وأنا أذهب إلى ذلك. فهذه رواية عنه. والظاهر من مذهبه كالجماعة. وأجمعوا على أن في كل واحدة من هذه الخمسة حكومة بعد الاندمال.
والحكومة: أن يقوم المجني عليه قبل الجناية كأنه كان عبدا. فيقال: كم قيمته قبل الجناية؟ وكم قيمته بعدها؟ فيكون له بقدر التفاوت من ديته.