الغرس أنه ليس بحكم، وأطال الكلام عليه في البحر والنهر، وسيأتي توضيحه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: (ومحكوم به) وهو أربعة أقسام: حق الله تعالى المحض كحد الزنا أو الخمر، وحق العبد المحض، وهو ظاهر، وما فيه الحقان وغلب فيه حق الله تعالى كحد القذف أو السرقة أو غلب فيه حق العبد كالقصاص والتعزير ابن الغرس. وشرطه كونه معلوما. بحر عن البدائع، وعن هذا فالحكم بالموجب بفتح الجيم لا يكفي ما لم يكن الموجب أمرا واحدا، كالحكم بموجب البيع أو الطلاق أو العتاق وهو ثبوت الملك والحرية وزوال العصمة، فلو أكثر فإن استلزم أحدهما الآخر صح، كالحكم على الكفيل بالدين فإن موجبه الحكم عليه به، وعلى الأصيل الغائب وإلا فلا، كما لو وقع التنازع في بيع العقار فحكم شافعي بموجبه فإنه لا يثبت به منع الجار عن الشفعة فللحنفي الحكم بها، وأطال في بيانه العلامة ابن الغرس، وسيذكره الشارح آخر الفصل الآتي، لكن هذا في الحقيقة راجع إلى اشتراط الدعوى في الحكم كما أشار إليه في البحر، ويأتي ذكره في الطريق. قوله: (وله) أي ومحكوم له وهو الشرع كما في حقوقه المحضة أو التي غلب فيها حقه ولا حاجة في ذلك إلى الدعوى، بخلاف ما تمحض فيها حق العبد أو غلب والعبد هو المدعي وعرفوه بمن لا يجبر على الخصومة إذا تركها، وقيل غير ذلك، والشرط فيه بالاجماع حضرته أو حضرة نائب عنه كوكيل أو ولي أو وصي فالمحكوم له المحجور كالغائب ا ه ملخصا من الفواكه البدرية. قوله: (ومحكوم عليه) وهو العبد دائما، لكنه إما متعين واحدا أو أكثر، كجماعة اشتركوا في قتل فقضي عليهم بالقصاص أو لا كما في القضاء بالحرية الأصلية فإنه حكم على كافة الناس، بخلاف العارضة بالاعتاق فإنه جزئي واختلفوا في الوقف، والصحيح المفتى به أنه لا يكون على الكافة فتسمع فيه دعوى الملك أو وقف آخر والمحكوم عليه في حقوق الشرع من يستوفي منه حق، سواء كان مدعى عليه أو لا، كما مرت الإشارة إليه ا ه ملخصا من الفواكه. وسيذكر المصنف آخر الفصل الآتي حكاية الخلاف في نفاذ الحكم على الغائب، ويأتي تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: (وحاكم) هو إما الامام أو القاضي أو المحكم، أما الامام فقال علماؤنا: حكم السلطان العادل ينفذ. واختلفوا في المرأة فيما سوى الحدود والقصاص، وإطلاقهم يتناول أهلية الفاسق الجاهل، وفيه بحث. وأما المحكم فشرطه أهلية القضاء ويقضي فيما سوى الحدود والقصاص، ثم القاضي تتقيد ولايته بالزمان والمكان والحوادث ا ه ملخصا من الفواكه. وجميع ذلك سيأتي مفرقا في مواضعه مع بيان بقية صفة الحاكم وشروطه. قوله: (وطريق) طريق القاضي إلى الحكم يختلف بحسب اختلاف المحكوم به، والطريق فيما يرجع إلى حقوق العباد المحضة عبارة عن الدعوى والحجة: وهي إما البينة أو الاقرار أو اليمين أو النكول عنه أو القسامة أو علم القاضي بما يريد أن يحكم به أو القرائن الواضحة التي تصير الامر في حيز المقطوع به، فقد قالوا:
لو ظهر إنسان من دار بيده سكين وهو متلوث بالدم سريع الحركة عليه أثر الخوف فدخلوا الدار على الفور فوجدوا فيها إنسانا مذبوحا بذلك الوقت ولم يوجد أحد غير ذلك الخارج فإنه يؤخذ به، وهو ظاهر إذ لا يمتري أحد في أنه قاتله، والقول بأنه ذبحه آخر ثم تسور الحائط أو أنه ذبح نفسه احتمال بعيد لا يلتفت إليه إذ لم ينشأ عن دليل ا ه من الفواكه لابن الغرس. ثم أطال هنا في بيان الدعوى وتعريفها وشروطها، إلى أن قال: ثم لا يشترط في الطريق إلى الحكم أن تكون بتمامها عند القاضي الواحد، حتى لو ادعى عند نائب القاضي وبرهن ثم وقعت الحادثة إلى القاضي أو بالعكس صح، وله