الضعيف كالشفعة، وخيار الشرط كما قدمناه عن الفتح في باب المغنم وقسمته، وكذا يقال في غلة الوقف، فإن نصيب المستحق يورث عنه إذا مات قبل القسمة بعد ظهور غلة الوقف في وقف الذرية أو بعد عمل صاحب الوظيفة كما قدمناه هناك، ومقتضى هذا أن لا تصح هذه الحوالة لان كلا من الغازي والمستحق لم يثبت له دين في ذمة الامام والناظر. نعم تكون وكالة بالقبض من المحال عليه كما يأتي في قول المصنف وإن قال المحيل للمحتال وهذا يقع كثيرا، فإن الناظر يحيل المستحق على مستأجر عقار الوقف. وقد أفتى في الحامدية بأن لو مات الناظر قبل أخذ المحتال، فللناظر الثاني أخذه، لكن ذكرنا في باب المغنم، أن غلة الوقف بعد ظهورها يتأكد فيها حق المستحقين، فتورث عنهم، وأما بعد قبض الناظر لها فينبغي أن تصير ملكا لهم للشركة الخاصة، بخلاف المغنم فإنه لا يملك إلا بعد القسمة، حتى لو أعتق أحد الغانمين حصته من أمة لا تعتق للشركة العامة إلا إذا قسمت الغنيمة على الرايات فيصح للشركة الخاصة، وعلى هذا فإذا صارت الغلة في يد الناظر صارت أمانة عنده ملكا للمستحقين لهم مطالبته بها، ويحبس إذا امتنع من أدائها، ويضمنها إذا استهلكها أو هلكت بعد الطلب، فإذا أحال الناظر بعض المستحقين على آخر لا يصح لأنها حوالة بالعين لا بالدين، إلا إذا كان الناظر استهلكها أو خلطها بماله فتصير دينا بذمته فتصح الحوالة، لأنها حوالة بالدين لا بالعين ولا بالحقوق، فقد ظهر أن هذه الحوالة لا تكون من الحوالة بالحقوق أصلا، سواء كان الغازي أو الناظر محيلا أو محتالا، وسواء كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة، وأن ما ذكره الشارح عن النهر غير محرر، فافهم وتدبر واغنم تحرير هذا المقام، فإنه من فيض ذي الجلال والاكرام. قوله: (لا تصح) قد علمت أنه لا وجه له. قوله: (وهذا في الحوالة المطلقة ظاهر) لتصريحهم باختصاصها بالديون لابتنائها على النقل. نهر.
قلت: وهذه حوالة بالدين وإن كانت مطلقة، بل الصحة فيها أظهر من عدمها لان الحوالة المطلقة على ما يأتي أن لا يقيد المحيل بدين له على المحال عليه ولا بعين له في يده، فإذا أحال المستحق غريمه بدينه على الناطر حوالة مطلقة فلا شك في صحتها. قوله: (ينبغي أن تصح) لما علمت من أن مال الوقف في يده أمانة، ولكن إذا صحت لا تكون من الحوالة بالحقوق، لان المستحق إنما أحال دائنه بدين صحيح، بل هي حوالة بالدين مقيدة بما عند المحال عليه وهو الناظر. قوله: (كالإحالة على المودع) بجامع أن كلا منهما أمين ولا دين عليه ط. قوله: (لأنها مطالبة) أي لان الحوالة تثبت المطالبة ولا مطالبة على الناظر فيما لم يصل إليه من مال الوقف الذي قيدت الحوالة به. قوله: (انتهى) أي كلام البحر، وقوله: ومقتضاه الخ من كلام النهر أيضا، فافهم. قوله: (وعندي فيه تردد) نقله الحموي وأقره، ويؤيد الصحة ما ذكروه في المغنم أنه يورث عنه لتأكد ملكه فيه، وقد وجد الجامع للقياس فيها وفي الوديعة ط. قوله: (وبرئ المحيل من الدين الخ) أي براءة مؤقتة بعدم التوى، وفائدة براءته أنه لو مات لا يأخذ المحتال الدين من تركته، ولكنه يأخذ كفيلا من ورثته أو من الغرماء مخافة أن يتوى حقه، كذا في شرح المجمع ط. ومقتضى البراءة أن المشتري لو أحال البائع على آخر بالثمن لا يحبس المبيع، وكذا لو أحال الراهن المرتهن بالدين لا يحبس الرهن، ولو أحالها بصداقها لم تحبس نفسها،