البحر والنهر وغيرهما. قوله: (نعم لو جعله أجلا) أي بأن قال إلى هبوب الريح أو مجئ المطر ونحوه مما هو مجهول جهالة متفاحشة فيبطل التأجيل وتصح الكفالة، بخلاف ما كانت جهالته غير متفاحشة كالحصاد ونحوه فإنها تصح إلى الاجل كما قدمناه آنفا. قوله: (في تعليق) نحو: إن غصبك إنسان شيئا فأنا كفيل ا ه ح. ويستثنى منه ما سيأتي متنا آخر الباب، وهو ما لو قال له اسلك هذا الطريق الخ، وسيأتي بيانه. قوله: (وإضافة) نحو ما ذاب لك على الناس فعلي ا ه ح. وقد صرح أيضا في الفتح بأنه من جهالة المضمون في الإضافة.
قلت: ووجهه أن ما ذاب ماض أريد به المستقبل كما يأتي فكان مضافا إلى المستقبل معنى، وعن هذا جعل في الفصول العمادية المعلق من المضاف لان المعلق واقع في المستقبل أيضا وقدمنا أن في الهداية جعل ما بايعت فلانا من المعلق لأنه في حكمه من حيث وقوع كل منهما في المستقبل، وبه ظهر أن كلا منهما يطلق على الآخر نظرا إلى المعنى، وأما بالنظر إلى اللفظ فما صرح فيه بأداة الشرط فهو معلق وغيره مضاف وهو الأوضح، فلذا غاير بينهما تبعا للفتح. فافهم. قوله: (لا تخيير) بالخاء المعجمة، وسماه تخييرا لكون المكفول له مخيرا كما ذكره، لكن الواقع في عبارة الفتح وغيره تنجيز بالجيم والزاي وهو الأصوب، لان المراد به الحال المقابل للتعليق والإضافة المراد بهما المستقبل، ووجه جواز جهالة المكفول عنه في التنجيز دون التعليق كما في الفتح أن القياس يأتي جواز إضافة الكفالة، لأنها تمليك في حق الطالب، وإنما جوزت استحسانا للتعامل والتعامل فيما إذا كان المكفول عنه معلوما ما فبقي المجهول على القياس. قوله: (والتعيين للمكفول له لأنه صاحب الحق) كذا في البحر عند قوله: وبالمال ولو مجهولا وتبعه في النهر. لكن جعل في الفتح الخيار للكفيل. ونصه.
ولو قال رجل كفلت بمالك على فلان أو مالك على فلان رجل آخر جاز لأنها جهالة المكفول عنه في غير تعليق. ويكون الخيار للكفيل ا ه. ومثله ما في كافي الحاكم: ولو قال أنا كفيل بفلان أو فلان كان جائزا يدفع أيهما شاء الكفيل فيبرأ عن الكفالة. ثم قال: وإذا كفل بنفس رجل أو بما عليه وهو مائة درهم كان جائزا، وكان عليه أي ذلك شاء الكفيل، وأيهما دفع فهو برئ ا ه. وبه علم أن ما هنا قول آخر أو سبق قلم. قوله: (ولا بجهالة المكفول له) يستثنى منه الكفالة في شركة المفاوضة فإنها تضح مع جهالة المكفول له لثبوتها ضمنا لا صريحا كما ذكره في الفتح من كتاب الشركة. قوله:
(وبه) أي ولا تصح بجهالة المكفول به، والمراد هنا النفس لا المال، لما تقدم من أن جهالة المال غير مانعة من صحة الكفالة، والقرينة على ذلك الاستدراك ا ه ح.
قلت: والظاهر أن المانع هنا جهالة متفاحشة، لما علمت آنفا من قول الكافي: لو قال أنا كفيل بفلان أو فلان جاز. تأمل. قوله: (مطلقا) أي سواء كانت في تعليق أو إضافة أو تنجيز.
قال في الفتح: والحاصل أن جهالة المكفول له تمنع صحة الكفالة مطلقا، وجهالة المكفول به لا تمنعها مطلقا، وجهالة المكفول عنه في التعليق، والإضافة تمنع صحة الكفالة، وفي التنجيز لا تمنع ا ه.
ومراده بالمكفول به المال عكس ما في الشرح. قوله: (جاز) لان الجهالة في الاقرار لا تمنع صحته. بحر