ولم يقيدوه بكونه بعد الدخول. ووجه ذلك والله تعالى أعلم أن احتمال سقوطه أو سقوط نصفه لا يضر لأنه بعد السقوط تظهر براءة الكفيل، كما لا يضر احتمال سقوط ثمن المبيع باستحقاق المبيع أو برده بخيار عيب أو شرط أو رؤية، فإن الكفيل به يبرأ من الكفالة، مع أن الثمن عند العقد دينا صحيحا يصدق عليه أنه لا يسقط إلا بالأداء أو الابراء: أي لا يسقط إلا بذلك ما لم يعرض له مسقط ناسخ لحكم العقد وهو لزوم الثمن، لأنه بأحد هذه الأشياء ظهر أن العقد غير ملزم للثمن في حق العاقدين، فكذا عقد النكاح يلزم به تمام المهر بحيث لا يسقط إلا بالأداء أو الابراء ما لم يعرض له مسقط لكله أو نصفه لأنه انعقد من أصله محتملا لسقوطه بذلك المسقط، فإذا عرض ذلك المسقط تبين أنه لم يجب من أصله، بخلاف سقوطه بالأداء أو الابراء فإنه مقتصر على الحال.
وبهذا التقرير ظهر أنه لا حاجة إلى ما نقله عن ابن كمال، فاغتنم ذلك ولله الحمد. قوله: (فلا تصح ببدل الكتابة) وكذا لا تصح الكفالة بالدية كما في الخلاصة والبزازية.
وفي الظهيرية: واعلم أن الكفالة ببدل الكتابة والدية لا تصح ا ه. ونقلها في التاترخانية عن الظهيرية ولم ينقل فيه خلافا، ونقلها صاحب النقول عن الخلاصة. رملي. ولعل وجهه أن الدية ليست دينا حقيقة على العاقلة، لأنها إنما جب أولا على القاتل ثم على العاقلة بطريق التحمل والمعاونة والظاهر أنها لو وجبت في مال القاتل كما لو كانت باعترافه تصح الكفالة بها، فتأمل. وفي كافي الحاكم قال: إن قتلك فلان خطأ فأنا ضامن لديتك فقتله فلان خطأ فهو ضامن لديته. قوله:
(بالتعجيز) بدل من قوله: بدونهما.
وحاصله أن عقد الكتابة عقد غير لازم من جانب العبد، فله أن يستقل بإسقاط هذا الدين بأن يعجز نفسه متى أراد فلم يكن دينا صحيحا، لأن العقد من أصله لم ينعقد ملزما لبدل الكتابة لأنه دين للسيد على عبده، ولا يستحق السيد على عبده دينا ولذا ليس له حبسه به، فظهر الفرق بينه وبين المهر والثمن، فتدبر. قوله: (ولو كفل) أي ضمن بدل الكتابة. قوله: (يعني الخ) هذا ذكره صاحب النهر.
قوله: (وسيجئ) أي عند قوله: وبالعهدة وبالخلاص. قوله: (قيد آخر) هو إذا حسب أنه مجير على ذلك لضمانه السابق.
قلت: ويظهر من هذا أنه يرجع على المولى لأنه دفع له مالا على ظن لزومه له ثم تبين عدمه، وحينئذ فلا فائدة للقيد الأول إلا إذا كان المراد الرجوع على المكاتب، تأمل. ثم رأيت بعض المحشين ذكر نحو ما قلته. قوله: (بكفلت الخ) أشار إلى أن الكفالة بالمال لا تكون به ما لم يدل عليه دليل، وإلا كانت كفالة نفس، والى أن سائر ألفاظ الكفالة المارة في كفالة النفس تكون كفالة مال أيضا كما حررناه هناك، وإلى ما في جامع الفصولين من أنه لو قال: دينك الذي على فلان أنا أدفعه إليك أنا أسلمه أقبضه لا يصير كفيلا ما لم يتكلم بلفظه تدل على الالتزام كقوله: كفلت ضمنت علي إلي، وقدمنا عنه قريبا في أنا أدفعه الخ لو أتى بهذه الألفاظ منجزا لا يصير كفيلا ولو معلقا كقوله: لو لم يؤد فأنا أؤدي فأنا أدفع يصير كفيلا. قوله: (بما لك عليه) قال في البحر. وسيأتي أنه لا بد من البرهان أن له عليه كذا أو إقرار الكفيل، وإلا فالقول له مع يمينه ا ه. وقدمنا عن الفتح صحة الكفالة