وحاصل ما ذكره الوجه عندي صحة الكفالة بتسليم الأمانة، إذ لا شك في وجوب ردها عند الطلب، غير أنه في الوديعة وأخويها يكون بالتخلية، وفي غيرها بحمل المردود إلى ربه.
قال في الذخيرة: الكفالة بتمكين المودع من الاخذ صحيحة ا ه. وما ذكره السرخسي من أن الكفالة بتسليم العارية باطلة فهو باطل. لما في الجامع الصغير والمبسوط أنها صحيحة. ونص القدوري أنها بتسليم المبيع جائزة، وأقره في الفتح وانتصر له في العناية بأنه لعله اطلع على رواية أقوى من ذلك فاختارها.
واعترضه في النهر بأنه أمر موهوم. قال في البحر: ورده على السرخسي مأخوذ من معراج الدراية ويساعده قول الزيلعي: ويجوز في الكل أن يتكفل بتسليم العين مضمونة أو أمانة. وقيل إن كان تسليمه واجبا على الأصيل كالعارية والإجارة جاز وإلا فلا، فأفاد أن التفصيل بين أمانة وأمانة ضعيف ا ه. قوله: (فلو هلك المستأجر) بفتح الجيم.
قال في الفتح: ولو عجز أي عن التسليم بأن مات العبد المبيع أو المستأجر أو الرهن انفسخت الكفالة على وزان كفالة النفس. قوله: (وصح لو ثمنا) أي صح تكفله الثمن عن المشتري، واحترز به عن تكفل المبيع عن البائع فإنه لا يصح، لأنه مضمون بغيره وهو الثمن كما تقدم، والمراد بقوله: لو ثمنا أي ثمن مبيع بيعا صحيحا، لما في النهر عن التاترخانية لو ظهر فساد البيع رجع الكفيل بما أداه على البائع، وإن شاء على المشتري، ولو فسد بعد صحته بأن ألحقا به شرطا فاسدا فالرجوع للمشتري على البائع: يعني والكفيل يرجع بما أداه على المشتري، وكأن الفرق بينهما أنه بظهور الفساد تبين أن البائع أخذ شيئا لا يستحقه فيرجع الكفيل عليه، وإن ألحقا به شرطا فاسدا لم يتبين أن البائع حين قبضه قبض شيئا لا يستحقه ا ه. وفيه أيضا وقالوا لو استحق المبيع برئ الكفيل بالثمن ولو كانت الكفالة لغريم البائع، ولو رد عليه بعيب بقضاء أو بغيره أو بخيار رؤية أو شرط برئ الكفيل إلا أن تكون الكفالة لغريم فلا يبرأ، والفرق بينهما فيما يظهر أنه مع الاستحقاق تبين أن الثمن غير واجب على المشتري، وفي الرد بالعيب ونحوه وجب المسقط بعدما تعلق حق الغريم به فلا يسري عليه ا ه. قوله:
(إلا أن يكون الخ) قال في النهر: وقدمنا أنه لو كفل عن صبي ثمن متاع اشتراه لا يلزم الكفيل شئ، ولو كفل بالدرك بعد قبض الصبي الثمن لا يجوز وإن قبله جاز ا ه. ومسألة الدرك فيما لو كان الصبي بائعا وهو الذي قدمه في النهر عند قول الكنز: إذا كان دينا صحيحا. قوله: (وكذا لو مغصوبا الخ) لأن هذه الأعيان مضمونة بنفسها على الأصيل فيلزم الضامن إحضارها وتسليمها، وعند الهلاك تجب قيمتها، وإن مستهلكة فالضمان لقيمتها. نهر بخلاف الأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع والرهن، بخلاف الأمانات على ما تقدم. زيلعي. قوله: (وإلا فهو أمانة كما مر) أي في البيوع، وإذا كان أمانة لا يكون من هذا النوع بل من نوع الأمانات وقد مر حكمها. قوله: (وبدل صلح عن دم) أي لو كان البدل عبدا مثلا فكفل به إنسان صحت، فإن هلك قبل القبض فعليه قيمته. بحر. وتقييده بالدم يفيد أن الكفالة ببدل الصلح في المال لا تصح، لأنه إذا هلك انفسخ لكونه كالبيع ط. قوله: (وخلع) عطف