قال في البحر: وقيد بالوكيل والرسول، لأنه لو سلمه أجنبي بغير أمر الكفيل وقال سلمت إليك عن الكفيل وقف على قبوله، فإن قبله الطالب برئ الكفيل، وإن سكت لا ا ه. قوله:
(ويشترط أن يقول كل واحد من هؤلاء) أي الثلاثة وهم المطلوب والوكيل والرسول، وهذا دخول على المتن، أراد به التنبيه على أمرين:
أحدهما: أن قول المصنف من كفالته قيد في الكل لا في الوكيل والرسول فقط كما قد يتوهم من عبارة المصنف حيث كرر لفظ بتسليم، ولا في المطلوب فقط كما يتوهم من عبارة الكنز حيث قدم قوله من كفالته على تسليم الوكيل.
ثانيهما: أنه لا يكفي قصد كون التسليم عن الكفالة، بل لا بد من التصريح به، بأن يقول سلمت إليك عن الكفيل من كفالته فافهم، لكن اقتصر في الدرر على قوله عن الكفيل، وعزاه إلى الخانية، واقتصر في البحر على قوله عن الكفالة، وعبر في الفتح مرة بالأول ومرة بالثاني، فعلم أنه لا يلزم الجمع بينهما، فلو زاد الشارح كلمة أو بأن قال أو من كفالته لكان أولى. قوله: (وإلا لا يبرأ) أي إن لم يقل أحد هؤلاء ذلك لا يبرأ الكفيل. قوله: (ابن كمال) ومثله في الفتح والبحر والمنح وغيرها. قوله: (فإن قال إن لم أواف الخ) قيد بعدم الموافاة للاحتراز عما في البزازية: كفل بنفسه على أنه متى طالبه سلمه، فإن لم يسلمه فعليه ما عليه ومات المطلوب وطالبه بالتسليم وعجز لا يلزمه المال، لان المطالبة بالتسليم بعد الموت لا تصح، فإن لم تصح المطالبة لم يتحقق العجز الموجب للزوم المال فلم يجب ا ه بحر. قوله: (أي آت) ومثله إن لم أدفعه إليك أو إن غاب عنك. نهر قوله: (فهو) أي القائل وهو من تتمة المقول بالمعنى، لأنه إنما يقول فأنا ضامن لما عليه أو عندي كما في الخانية وقد مر. قوله: (لما عليه) أشار إلى أنه لا يشترط تعيين قدر المال كما يأتي، وقيد بقوله: لما عليه لأنه لو قاله فالمال الذي لك على فلان رجل آخر وهو ألف درهم فهو علي جاز في قول أبي يوسف. وقال محمد: الكفالة بالنفس جائزة، والكفالة بالمال باطلة لأنه مخاطرة إذا كان المال على غيره، وإنما يجوز إذا كان المال عليه استحسانا، ولو كفل بنفس رجل للطالب عليه مال فلزم الطالب الكفيل وأخذ منه كفيلا بنفسه على أنه إن لم يواف به فالمال الذي على المكفول به الأول عليه جاز، وليس هذا كالذي عليه مال ولم يكفل به أحد، كذا في كافي الحاكم. قوله: (مع قدرته عليه) صرح بهذا القيد الزيلعي والشمني في شرح النقاية، وكذا في البحر. وقال المصنف في المنح: إنه قيد لازم، لأنه إذا عجز لا يلزمه إلا إذا عجز بموت المطلوب أو جنونه ا ه. قوله: (فلو عجز لحبس أو مرض) أي مثلا فيدخل فيه ما إذا غاب المكفول به ولم يعلم مكانه، فقد مر التصريح بأن ذلك عجز، وقد علمت أن شرط ضمان المال عدم الموافاة مع القدرة وحيث صرحوا بأن الغيبة المذكورة عجز عن الموافاة لم يتحقق القدرة ولم يستثنوا من العجز إلا العجز بموت المطلوب أو جنونه، فدخلت الغيبة المذكورة في العجز. وأما ما قدمناه عن الخلاصة والبزازية من أن الغيبة المذكورة كالموت فقدمنا أن المراد أنها مثله في سقوط المطالبة في الحال لا من كل وجه، على أن ذلك مذكور في كفالة النفس، والموت هناك مبطل للكفالة بالنفس ومسقط