ولا إلى فيقول كفلته شهرا أو ثلاثة أيام، فقيل كالأول، وقيل كالثاني وفي التتارخانية عن جمع التفاريق قال: واعتماد أهل زماننا على أنه كالثاني.
قلت: وينبغي عدم الفرق بين الصور الثلاث في زماننا كما هو قول أبي يوسف والحسن، لان الناس اليوم لا يقصدون بذلك إلا توقيت الكفالة بالمدة وأنه لا كفالة بعدها، وقد تقدم أن مبنى ألفاظ الكفالة على العرف والعادة، وأن لفظ عندي للأمانة، وصار في العرف للكفالة بقرينة الدين. وقالوا:
إن كلام كل عاقد وناذر وحالف وواقف يحمل على عرفه، سواء وافق عرف اللغة أو لا.
ثم رأيت في الذخيرة قال: وكان القاضي الامام الاجل أبو علي النسفي يقول: قول أبي يوسف أشبه بعرف الناس إذا كفلوا إلى مدة يفهمون بضرب المدة أنهم يطالبون في المدة لا بعدها، إلا أنه يجب على المفتي أن يكتب في الفتوى أنه إذا مضت المدة المذكورة فالقاضي يخرجه عن الكفالة احترازا عن خلاف جواب الكتاب، وإن وجد هناك قرينة تدل على إرادته جواب الكتاب فهو عليه ا ه. لكن نازع في ذلك في أنفع الوسائل بأن القاضي المقلد لا يحكم إلا بظاهر الرواية لا بالرواية الشاذة، إلا أن ينصوا على أن الفتوى عليها ا ه.
قلت: ما ذكره النسفي مبني على أن المذكور في ظاهر الرواية إنما هو حيث لا عرف، إذ لا وجه للحكم على المتعاقدين بما لم يقصداه فليس قضاء، بخلاف ظاهر الرواية، وما ذكره من إخراج القاضي له عن الكفالة زيادة احتياط لاحتمال كون العاقدين عالمين بذلك المعنى قاصدين له، ولذا قال:
إن وجد قرينة على خلاف العرف يحكم بجواب ظاهر الرواية، والله سبحانه أعلم. قوله: (لما في الملتقط الخ) تعليل لما فهم من قوله أيضا من أنه يكون كفيلا قبل الثلاثة ا ه ح. قوله: (لو سلمه للحال برئ) ويجبر الطالب على القبول، كمن عليه دين مؤجل إذا عجله قبل حلول الأجل يجبر الطالب على القبول. خانية. فلو لم يصل كفيلا قبل مضي المدة لم يصح تسليمه فيها ولم يجبر الآخر على القبول.
قوله: (لم يصر كفيلا أصلا) لأنه لا يصير كفيلا بعد المدة لنفيهما الكفالة فيه صريحا ولا في الحال على ما ذكرنا في ظاهر الرواية. ظهيرية. قوله: (ونقله الخ) نقل القولين في البحر أيضا عن البزازية.
قوله: (أنه يصير كفيلا) أي في المدة فقط كما يفيده قول جامع الفصولين في الفصل السادس والعشرين. كفل بنفسه إلى شهر على أنه برئ بعد الشهر فهو كما قال. قوله: (لكن تقوى الأول بأنه ظاهر المذهب) قلت: وتقوى الثاني بأنه المتعارف بين الناس بحيث لا يقصدون غيره، إلا أن يكون الكفيل عالما بحكم ظاهر المذهب قاصدا له فالامر ظاهر. قوله: (ولا يطالب الخ) أي في مسألة المتن.
قوله: (لزم التسليم) أي بالطلب الأول، وقوله: ولا أجل له ثانيا أي بالطلب الثاني، وهذا ما لم يدفعه، فإذا دفعه إليه: فإن قال برئت إليك منه يبرأ في المستقبل، وإن لم يبرأ منه فله أن يطالبه ثانيا،