ولا يكون ذلك براءة لأنه قال في الكفالة كلما طلبته مني فلي أجل شهر، فكأنه قال كلما طلبته مني وافيتك به إلا أن لي أجل شهر حتى أطلبه، وكلمة كلما تقتضي التكرار فتقتضي تكرار الموافاة كلما تكرر الطلب، فبالدفع إليه يبرأ عن موافاة لزمته بالمطالبة السابقة، لا عن موافاة تلزمه بمطالبة توجد في المستقبل، وإنما يبرأ عن ذلك لصريح الابراء، فإذا برئ إليه حين دفعه مرة وجد صريح الابراء، وما لا فلا، فإذا دفعه إليه ولم يبرأ فطالبه بعد ذلك فللكفيل أجل شهر آخر من يوم طلبه لأنه غير الطلب الأول، بخلاف ما إذا لم يدفعه مرة. ذخيرة وبزازية ملخصا.
قلت: وحاصله أنه إذا طالبه بتسليم المكفول بنفسه فله أجل شهر، فإذا تم الشهر فله مطالبته بالتسليم ولا أجل له في هذه المطالبة الثانية، فإذا سلمه وتبرأ إليه من عهدته فلا شئ عليه بعد ذلك، وإن سلمه ولم يتبرأ ثم طالبه به لزمه تسليمه ثانيا، لكن يثبت له أجل شهر آخر بعد هذا الطلب، فإذا تم الشهر ولم يسلمه فطالبه به فلا أجل له ما لم يسلمه إلى الطالب وهكذا، ثم لا يخفى أن هذا في كفالة النفس، أما في كفالة المال فإنه بعد تسليمه لا يطالب به ثانيا لان الكفالة تنتهي به، ولذا قال في الذخيرة: ولو كفله بألف على أنه متى طالبه به فله أجر شهر فمتى طلبه فله الاجل، فإذا مضى فله أخذه منه متى شاء بالطلب الأول ولا يكون للكفيل أجل شهر آخر ا ه. وبه ظهر أن كلام الشارح محمول على كفالة المال، ولعله جردت متى وكلما عن العموم لعدم إمكانه هنا لما قلنا، بخلاف كفالة النفس كما علمت. قوله: (بخلاف البيع) فإنه لا يصح الخيار فيه أكثر من ثلاثة أيام. قوله: (وإن شرط) ينبغي كونه بالبناء للمفعول ليشمل ما إذا كان الشرط في لفظ الكفيل أو الطالب ط. قوله:
(أحضره) أي لزمه إحضاره بالشرط. قوله: (فيها) أي فبالقضية المشروطة قد وفى. قوله: (حين يظهر مطله) في بعض النسخ حتى والصواب الأول، وذلك كما لو أنكر الكفالة حتى أقيمت عليه البينة، بخلاف ما لو أقر بها فإنه لا يحبسه في أول مرة، وهذا ظاهر الرواية كما في البزازية: أي لظهور مطله بإنكاره فصار كمسألة المديون، وبه صرح في الخانية، وكأن الزيلعي لم يطلع على ذلك فذكره بحثا.
أفاده في البحر. قوله: (لا يحبسه) لكن لا يحول بينه وبين الكفيل فيلازمه ولا يمنعه منه أشغاله وفي التاترخانية: لو أضرته ملازمته له استوثق منه بكفيل. نهر قوله: (فإن غاب) أي المكفول عنه وطلب الغريم منه إحضاره. نهر. هذا إذا ثبت عند القاضي غيبته ببلد آخر بعلم القاضي أو ببينة أقامها الكفيل كما في البزازية وكافي الحاكم، وأطلقه فشمل المسافلة القريبة والبعيدة كما في الفتح. بحر. قوله:
(أمهله) أي إذا أراد الكفيل السفر إليه، فإن أبى حبسه للحال بلا إمهال كما في البزازية. وفي التاترخانية: وإن كان في الطريق عذر لا يؤاخذ الكفيل به. بحر. قوله: (وإيابه) بالكسر: أي رجوعه. قوله: (ولو لدار الحرب) ولا تبطل باللحاق بدار الحرب، لأنه وإن كان موتا حكما لكن بالنسبة إلى ماله وإلا فهو حي مطالب بالتوبة والرجوع، هكذا أطلقه في النهاية، وقيده في الذخيرة بما إذا كان الكفيل قادرا على رده بأن كان بيننا وبينهم موادعة أنهم يردون إلينا المرتد وإلا لا يؤاخذ به ا ه. وهو تقييد لا بد منه. بحر. قوله (لا يطالب به) مقيد بما إذا لم يبرهن الطالب على أنه بموضع