الحسامية جعل هذا رأيا للمتأخرين لا قولا لزفر. ولفظه: والمتأخرين من مشايخنا يقولون جواب الكتاب أنه يبرأ إذا سلمه في السوق أو في موضع آخر في المصر بناء على عاداتهم في ذلك الزمان، أما في زماننا فلا يبرأ لان الناس يعينون المطلوب على الامتناع عن الحضور لغلبة الفسق فكان الشرط مقيدا فيصح، وبه يفتى ا ه وهو الظاهر، إذ كيف يكون هذا اختلاف عصر وزمان مع أن زفر كان في ذلك الزمان ا ه.
قلت: فيه نظر ظاهر، فكم من مسألة اختلف فيها الامام وأصحابه وجعلوا الخلاف فيها بسب اختلاف الزمان كمسألة الاكتفاء بظاهر العدالة وغيرها وكالمسألة المارة آنفا، وبعد نقل الثقات ذلك عن زفر كيف ينفي بكلام يحتمل أنه مبني على قوله: والمشاهد اختلاف الزمان في مدة يسيرة. قوله: (ولو سلمه عند الأمير) أي وقد شرط تسليمه عند القاضي. قوله: (عند قاض آخر) أي غير قاضي الرساتيق كما أجاب بعضهم، واستحسنه في القنية، لان أغلبهم ظلمة. قال ط: قلت: ولا خصوص للرساتيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قوله: (ابن مالك) ونص كلامه في شرحه على المجمع، ولو سلمه في السجن وقد حبسه غير الطالب لا يبرأ لأنه لا يتمكن من إحضاره مجلس الحكم. وفي المحيط: هذا إذا كان السجن سجن قاض آخر في بلد آخر. أما لو كان سجن هذا القاضي أو سجن أمير البلد في هذا المصر يبرأ وإن كان حبسه قد غير الطالب، لان سجنه في يده فيخلى سبيله حتى يجيب خصمه ثم يعيده إلى السجن ا ه.
وفي البحر عن البزازية: ولو ضمن وهو محبوس فسلمه فيه يبرأ، ولو أطلق ثم حبس ثانيا فدفعه إليه فيه، إن الحبس الثاني في أمور التجارة ونحوها صح الدفع، وإن في أمور السلطان ونحوها لا اه.
وفي كافي الحاكم: وإذا حبس المكفول به بدين أو غيره أخذت الكفيل لأنه يقدر على أنه يفكه مما حبس به بأداء حقه الذي حبسه ا ه. أي إذا لم يمكنه تسليمه كما يعلم من كلام المحيط المار. قوله:
(وكذا يبرأ الكفيل بتسليم المطلوب نفسه) هذا إذا كانت الكفالة بالامر أي أمر المطلوب وإلا فلا يبرأ كما في السراج عن الفوائد والوجه فيه ظاهر لأنها إذا كانت بغير أمره لا يلزم المطلوب الحضور فليس مطالبة بالتسليم فإذا سلم نفسه لا يبرأ الكفيل نهر وفي التاترخانية لو كفل بنفسه بلا أمره فلا مطالبة للكفيل عليه إلا أن يجده فيسلمه فيبرأ ا ه، فلا يأثم بعدم التمكين منه فله الهرب بخلاف ما إذا كانت بأمره وكذا قولهم له منعه من السفر إنما هو إذا كانت بأمره أفاده في البحر. قوله: (وبتسليم وكيل الكفيل) لو قال وبتسليم نائبه لكان أجود وأفود، لان كفيل الكفيل لو سلمه برئ الكفيل أيضا كما في الخانية نهر. قوله: (ورسوله إليه) أي إلى الطالب بأن دفع المطلوب إلى رجل يسلمه إلى الطالب على وجه الرسالة فيقول الرجل إن الكفيل أرسل معي هذا لأسلمه إليك. قوله: (لان رسوله إلى غيره كالأجنبي) تعليل لمفهوم قوله إليه فإن مفهومه أنه لا يبرأ لو كان رسولا إلى غيره بمجرد التسليم ومثاله كما في ط لو قال الكفيل لشخص: خذ هذا وسلمه لفلان ليسلمه للطالب فأخذه الرسول وسلمه إلى الطالب بنفسه فإنه يكون كتسليم الأجنبي. قوله: (وفيه) أي في تسليم الأجنبي يشترط أي زيادة على الشرط الذي بعده قبول الطالب.