أي في بيع الخبز بالبر نسيئة، ووجه كونه أحسن كون الخبز فيه ثمنا لا مبيعا، فلا يلزم فيه شروط السلم. تأمل. وأصل المسألة في الذخيرة حيث قال في السلم: وإذا دفع الحنطة إلى خباز جملة، وأخذ الخبز مفرقا ينبغي أن يبيع صاحب الحنطة خاتما أو سكينا من الخباز بألف من الخبز مثلا، ويجعل الخبز ثمنا ويصفه بصفة معلومة حتى يصير دينا في ذمة الخباز ويسلم الخاتم إليه، ثم يبيع الخباز الخاتم من صاحب الحنطة بالحنطة مقدار ما يريد الدفع ويدفع الحنطة، فيبقى له على الخباز الخبز الذي هو بمن هكذا قيل، وهو مشكل عندي، قالوا إذا دفع دراهم إلى خباز فأخذ منه كل يوم شيئا من الخبز فكلما أخذ يقول هو على ما قاطعتك عليه ا ه ما في الذخيرة.
قلت: ولعل وجه الاشكال أن اشتراطهم أن يقول المشتري كلما أخذ شيئا هو على ما قاطعتك عليه ليكون بيعا مستأنفا على شئ متعين، وهذا يقتضي أن الخبز لا يصح أن يكون دينا في الذمة، وإلا لم يحتج إلى أن يقول المشتري ذلك، ورأيت معزيا إلى خط المقدسي ما نصه. أقول: يمكن دفعه بأن الخبز هنا ثمن بخلاف التي قست عليها، فتأمل ا ه.
أقول: بيانه أن المبيع هو المقصود من البيع، ولذا لم يجز بيع المعدوم إلا بشروط السلم، بخلاف الثمن فإنه وصف يثبت في الذمة، ولذا صح البيع مع عدم وجود الثمن، لان الموجود في الذمة وصف يطابقه الثمن لا عين الثمن، كما حققه في الفتح من المسلم على أن المقيس عليها لا يلزم فيها قول المشتري ذلك، لأنه لو أخذ شيئا وسكت ينعقد بيعا بالتعاطي، نعم لو قال حين دفع الدراهم اشتريت منك كذا من الخبز وصار يأخذ كل يوم من الخبز يكون فاسدا والاكل مكروه، لأنه اشترى خبزا غير مشار إليه، فكان المبيع مجهولا كما قدمناه عن الولوالجية أول البيوع في مسألة بيع الإستجرار. قوله: (وكذا عددا وعليه الفتوى) هذا موجود في عبارة القهستاني عن المضمرات بهذا اللفظ، فمن نفى وجوده فيها فكأنه سقط من نسخته، ولعل وجه الافتاء به مبني على الافتاء بقول محمد الآتي في استقراضه عددا. قوله: (وسيجئ) أي قريبا متنا. قوله: (بدقيق أو سويق) أي دقيق البر أو سويقه، بخلاف دقيق الشعير أو سويقه فإنه يجوز لاختلاف الجنس. أفاده في الفتح. قوله:
(هو المجروش) أي الخشن، وفي القهستاني وغيره: السويق دقيق البر المقلي، ولعله يجرش فلا ينافي ما قبله. قوله: (ولا بيع بسويق) أي كلاهما من الحنطة أو الشعير كما في الفتح، فلو اختلف الجنس جاز. قوله: (ولو متساويا) تفسير للاطلاق. قوله: (لعدم المسوي) قال في الاختيار: والأصل فيه أن شبهة الربا وشبهة الجنسية ملتحقة بالحقيقة في باب الربا احتياطا للحرمة، وهذه الأشياء جنس واحد نظرا إلى الأصل، والمخلص: أي عن الربا هو التساوي في الكيل، وأنه متعذر لإنكباس الدقيق في المكيال أكثر من غيره، وإذا عدم المخلص حرم البيع. قوله: (خلافا لهما) هذا الخلاف في بيع الدقيق بالسويق كما هو صريح الزيلعي، فأجازاه لأنهما جنسان مختلفان، لاختلاف الاسم والمقصود، ولا يجوز نسيئة لان القدر يجمعهما ط. وكذا اقتصر على ذكر الخلاف في هذه المسألة في الهداية وغيرها