صحيح لما علمته من مسألة المسلم الحربي، والذي رأيته في المجتبى هكذا: مستأمن من أهل دارنا مسلما كان أو ذميا في دارهم أو من أسلم هناك باشر معهم من العقود التي لا تجوز الخ. وهي عبارة صحيحة، فما في البحر تحريف، فتنبه. قوله: (ومسلم مستأمن) مثله الأسير، لكن له أخذ مالهم ولو بلا رضاهم كما مر في الجهاد. قوله: (ولو بعقد فاسد) أي ولو كان الربا بسبب عقد فاسد من غير الأموال الربوية كبيع بشرط كما حققناه فيما مر، وأعم منه عبارة المجتبى المذكورة، وكذا قول الزيلعي: وكذا إذا تبايعا فيها بيعا فاسدا. قوله: (ثمة) أي في دار الحرب قيد به، لأنه لو دخل دارنا بأمان فباع منه مسلم درهما بدرهمين لا يجوز اتفاقا. ط عن مسكين. قوله: (لان ماله ثمة مباح) قال في فتح القدير: لا يخفى أن هذا التعليل إنما يقتضي حل مباشرة العقد إذا كانت الزيادة ينالها المسلم، والربا أعم من ذلك، إذ يشمل ما إذا كان الدرهمان: أي في بيع درهم بدرهمين من جهة المسلم ومن جهة الكافر. وجواب المسألة بالحل عام في الوجهين، وكذا القمار قد يفضي إلى أن يكون مال الخطر للكافر بأن يكون الغلب له، فالظاهر أن الإباحة بقيد نيل المسلم الزيادة، وقد ألزم الأصحاب في الدرس أن مرادهم من حل الربا والقمار ما إذا حصلت الزيادة للمسلم نظرا إلى العلة وإن كان إطلاق الجواب خلافه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ا ه.
قلت: ويدل على ذلك ما في السير الكبير وشرحه حيث قال: وإذا دخل المسلم دار الحرب بأمان، فلا بأس بأن يأخذ منهم أموالهم بطيب أنفسهم بأي وجه كان، لأنه إنما أخذ المباح على وجه عري عن الغدر فيكون ذلك طيبا له، والأسير والمستأمن سواء، حتى لو باعهم درهما بدرهمين أو باعهم ميتة بدراهم أو أخذ مالا منهم بطريق القمار فذلك كله طيب له ا ه ملخصا.
فانظر كيف جعل موضوع المسألة الاخذ من أموالهم برضاهم، فعلم أن المراد من الربا والقمار في كلامهم ما كان على هذا الوجه وإن كان اللفظ عاما، لان الحكم بدور مع علته غالبا. قوله: (مطلقا) أي ولو بعقد فاسد ط. قوله: (بلا غدر) لأنه لما دخل دارهم بأمان، فقد التزم أن لا يغدرهم، وهذا القيد لزيادة الايضاح، لان ما أخذه برضاهم لا غدر فيه. قوله: (خلافا للثاني) أي أبي يوسف وخلافه في المستأمن دون الأسير. قوله: (والثلاثة) أي الأئمة الثلاثة. قوله: (لان ماله غير معصوم) العصمة:
الحفظ والمنع، وقال في الشرنبلالية: لعله أراد بالعصمة التقوم: أي لا تقوم له، فلا يضمن بالاتلاف لما قال في البدائع معللا لأبي حنيفة، لان العصمة وإن كانت ثابتة فالتقوم ليس بثابت عنده حتى لا يضمن بالاتلاف، وعندهما نفسه وماله معصومان متقومان ا ه. قوله: (فلا ربا اتفاقا) أي لا يجوز الربا معه فهو نفي بمعنى النهي كما في قوله تعالى: * (فلا رفث ولا فسوق) * (البقرة: 791) فافهم. قوله: (ومنه يعلم الخ) أي يعلم مما ذكره المصنف مع تعليله أن من أسلما ثمة ولم يهاجرا لا يتحقق الربا بينهما أيضا كما في النهر عن الكرماني، وهذا يعلم بالأولى. قوله: (إلا في هذه الست مسائل) أولها السيد مع عبده، وآخرها من أسلما ولم يهاجرا، وحقه أن يقول المسائل بالتعريف، والله سبحانه أعلم.