قلت: صاحب الخانية يقدم الأشهر، فتدبر، قوله: (مطلقا) أي قبل الرؤية وبعدها كما علمت. قوله: (ومفيد الرضا) نقل لعبارة الدرر بالمعنى، لأنه قال: ويبطله ما لا يوجب حق الغير كالبيع بالخيار والمساومة والهبة بلا تسليم بعد الرؤية لا قبلها لأن هذه التصرفات لا تزيد على صريح الرضا، وهو إنما يبطله بعد الرؤية، وأما التصرفات الأولى فهي أقوى، لان بعضها لا يقبل الفسخ وبعضها أوجب حق الغير فلا يملك إبطاله ا ه.
ثم اعلم أنه في الكنز اقتصر على قوله: ويبطل بما يبطل به خيار الشرط، فأورد عليه في البحر: الاخذ بالشفعة والعرض على البيع، والبيع بخيار للبائع، والإجارة، والاسكان بلا أجر والرضا بالمبيع قبل الرؤية، فإنها تبطل خيار الشرط دون خيار الرؤية ا ه. لكن الصواب إسقاطه. قوله:
والإجارة فإنها توجب حقا للغير، وقد علمت أن مسألة العرض خلافية.
ثم إن ما أورده في البحر احترز عنه الشارح بقول: ومفيد الرضا بعد الرؤية لا قبلها فإن هذه الأشياء لا تبطل خيار الرؤية قبل الرؤية لأنها تفيد الرضا، وصريح الرضا قبلها لا يبطله، فلذا قال:
بعد الرؤية لا قبلها لكن يبقى إيراد البحر واردا على قوله: وهو مبطل خيار الشرط مطلقا فإن هذه الأشياء تبطل خيار الشرط، فيتوهم أنها تبطل خيار الرؤية قبلها وبعدها، مع أنها لا تبطله قبلها لما علمت، ولا يفيد قوله: ومفيد الرضا الخ لان بعض ما يبطل خيار الشرط يفيد الرضا، كالعتق والبيع ونحوهما من التصرفات ويبطل خيار الرؤية قبلها وبعدها.
تنبيه: عد في البحر مما يبطل خيار الرؤية قبض المبيع ونقد الثمن بعد الرؤية. زاد في جامع الفصولين: كذا لو رآه فقبضه رسول ا ه. وحمله إلى بيت المشتري فإذا رآه ليس له رده ما لم يرده إلى موضع العقد كما مر بيانه، وكذا لو اشترى أرضا لم يرها وأعارها فزرعها المستعير، وكذا لو شرى عدل ثياب فليس واحدا بطل خياره في الكل ا ه. قوله: (فله الاخذ بالشفعة الخ) تفريع على قوله: لا قبلها أي إذا كان مفيد الرضا لا يبطل خيار الرؤية قبل الرؤية، فلو شرى دارا ولم يرها فبيعت دار بجنبها فله أخد الثانية بالشفعة، ولا يبطل خياره في الأولى حتى إذا رآها ولم يرض بها فله ردها بخيار الرؤية. قوله: (درر من خيار الشرط) وكذا ذكره الشارح هناك عن المعراج بقوله:
بخلاف خيار رؤية وعيب.
تنبيه: إنما عزا ذلك إلى الدرر من خيار الشرط مع أنه في الدرر ذكره في هذا الباب متنا بقوله: كذا طلب الشفعة بما لم يره، لأنه جعله مبطلا لخيار الرؤية قبل الرؤية، وهو غير صحيح.
قوله: (خوف الغرر) أي غرر البائع بسبب اعتماده على شرائه فلا يطلب لسلعته مشتريا آخر ط.
قوله: (ولا خيار البائع ما يره في الأصح) بأن ورث عينا فباعها لا خيار له بالاجماع السكوتي. در منتقى: أي وقع الحكم بمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم يرو عن أحد منهم خلافه، فكان إجماعا سكوتيا كما بسطه في الفتح، وهو قول الإمام المرجوع إليه كما في البحر، وبه ظهر أن قوله: في الأصح لا محل له لايهامه أن مقابله صحيح مع أن ما رجع عنه المجتهد لم يبق قولا له