البائع تحميله إلى بلدة المشتري ثم رآه فلم يرض به وأراد فسخ البيع لخيار الرؤية أو بفساد العقد بسبب الشرط المذكور. والجواب أنه يلزمه تحميله إلى بلدة البائع ليرده عليه، وإن كان الرد بسبب الفساد، لما صرح به في جامع الفصولين أيضا من أن مؤنة رد المبيع فاسدا بعد الفسخ على القابض. قوله: (وإن رضي بالقول قبله) قيد بالقول، لأنه لو أجازه بالفعل بأن تصرف فيه يزول خياره كما في الشرنبلالية عن شرح المجمع. قوله: (أي قبل أن يراه) أشار إلى أن الضمير المذكور في قبله عائد إلى المعنى المصدري، لا إلى لفظ الرؤية المفهوم من قوله: إذا رآه لأنه مؤنث.
تأمل. وأجاب في البحر بأنه ذكر الضمير للمعنى، أي لان المراد من الرؤية العلم كما مر. قوله:
لان خياره معلق بالرؤية بالنص أي بحديث: من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه قال في الدرر: وفيه أن هذا استدلال بمفهوم الشرط، ونحن لا نقول به ا ه.
قلت: وجوابه أن الأصل في العقد اللزوم فلا يثبت الخيار إلا بدليله، والنص إنما أثبته عند الرؤية فيبقى ما وراءها على الأصل، فالحكم ثابت بدليل الأصل لا بمفهوم الشرط. وهذا معنى قول الشارح: ولا وجود للمعلق قبل الشرط وقال في الفتح: والمعلق بالشرط عدم قبل وجوده، والاسقاط لا يتحقق قبل الثبوت ا ه: أي إذا كان الخيار معلقا بالرؤية كان عدما قبلها فلا يصح إسقاطه بالرضا، فافهم. قوله: (لعدم لزوم البيع) بيان للفرق بين الفسخ والإجازة، فإنها غير لازمة قبل الرؤية، وهو لازم مع استوائهما في التعليق بالشرط في الحديث المار، وذلك أن الفسخ له سبب آخر وعدم لزوم هذا العقد، وما لا يلزم فللمشتري فسخه ولم يثبت للإجازة سبب آخر فبقيت على العدم، وحاصله أنه غير لازم قبل الرؤية لجهالة المبيع، وإذا رآه حدث له سبب آخر لعدم لزومه وهو الرؤية، ولا مانع من اجتماع الأسباب على مسبب واحد أفاده في البحر. قوله: (غير مؤقت بمدة) تفسير للاطلاق. قوله: (وهو الأصح) وقيل: مؤقت بوقت إمكان الفسخ بعد الرؤية، حتى لو تمكن منه ولم يفسخ سقط خياره. بحر. قوله: (هو مبطل خيار الشرط) كتعيب في يده وتعذر رد بعضه وتصرف لا يفسخ كالاعتاق وتوابعه أو يوجب حقا للغير كالبيع المطلق: أي عن شرط الخيار للبائع والرهن والإجارة قبل الرؤية وبعدها وما لا يوجب حقا للغير بخيار: أي للبائع والمساومة والهبة بلا تسليم بطل بعدها لا قبلها ملتقى. وفي جامع الفصولين: باع بخيار لا يبطل به خيار الرؤية إلا في رواية، وبخيار المشتري يبطل، وكذا لو باع بيعا فاسدا وهلك بعض المبيع عند المشتري بطل خياره، لان خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة، فإذا تعذر رد بعضه بهلاك أو عيب بطل خياره ولو عرض بعضه بعد الرؤية على البيع أو قال: رضيت ببعضه بطل خياره، وكذا خيار العيب، وكذا لو رآه فقبضه رسوله ا ه، قال في نور العين: مسألة عرض بعضه على البيع ليست وفاقية، لما في الخانية: لو عرض بعضه على البيع بعد الرؤية بطل خياره عند محمد، لا عند أبي يوسف ا ه.