بجواز ما لم يعلم جنسه أصلا، كأن يقول: بعتك شيئا بعشرة اه. كلام الفتح. وحاصله التوفيق بين ما قاله عامة المشايخ وما قاله بعضهم بحمل إطلاق الجواب على ما قاله شمس الأئمة وغيره من لزوم الإشارة إليه أو إلى مكانه، إذا لا يصح بيع ما لم يعلم جنسه أصلا: أي لا بوصف ولا بإشارة، ولذا قال صاحب الهداية: يعني شيئا مسمى موصوفا أو مشارا إليه أو إلى مكانه وليس فيه غيره بذلك الاسم ا ه. فأفاد أن لزوم الإشارة عند عم تسمية الجنس والوصف، فالتسمية كافية عن الإشارة، حتى لو قال: بعتك كر حنطة بلدية بكذا، والكر في ملكه من نوع واحد في موضع واحد جاز البيع، وكذا الإضافة في مثل بعتك عبدي وليس له غيره، وذكر الحدود في مثل بعتك الأرض الفلانية، والمدار على نفي الجهالة الفاحشة ليصح البيع كما حققنا ذلك بما لا مزيد عليه أول البيوع عند قوله: وشرط لصحته معرفة قدر مبيع وثمن فتذكره بالمراجعة فإنه ينفعك هنا، وبهذا التقرير سقط ما في الحواشي السعدية من قوله: أقول في كون الإشارة إلى المبيع أو إلى مكانه شرط الجواز، سيما بالاجماع كلام، فليتأمل ا ه. لما علمت من أن الإشارة ليست شرطا دائما بل عند عدم معرف آخر يرفع الجهالة، فافهم. قوله: (وفي حاشية أخي زاده) أي حاشيته على صدر الشريعة.
قال في المنح: وفي حاشية أخي زادة ذكر هذا البحث، ثم قال: وقال عامة مشايخنا إطلاق الجواب يدل على جوازه وهو الأصح، وقال بعضهم لا يجوز وصحح، ويؤيده ما في جامع الفصولين من الفصل الثالث: يشترط كون المبيع حاضرا موجودا مهيأ مقدور التسليم، وما في المبسوط من أن الإشارة إليه أو إلى مكانه شرط الجواز، حتى لو لم يشر إليه أو إلى مكانه لا يجوز بالاجماع ا ه. وفي العناية: قال القدوري: من اشترى شيئا لم يره فالبيع جائز، معناه أن يقول: بعتك الثوب الذي في كمي هذا أو هذه الجارية المنتقبة، وكذلك العين الغائب المشار إلى مكانه، وليس في ذلك المكان بذلك الاسم غير ما سمي، والمكان معلوم باسمه والعين معلومة. قال صاحب الاسرار: لان كلامنا في عين هي بحالة لو كانت الرؤية حاصلة لكان البيع جائز ا ه. ما في المنح ملخصا، ولا يخفى أن حاصله تقييد إطلاق الجواب بما قاله في المبسوط وغيره كما مر عن فتح القدير، وهو محمل إطلاق المتون كعبارة القدوري المذكورة. قوله: (أي للمشتري) كان ينبغي للمصنف التصريح به لأنه لم يتقدم له ذكر مع إيهام عود الضمير للبائع وإن كان يرتفع بقوله الآتي: ولا خيار لبائع. قوله:
(إذا رآه) أي علم به كما قدمناه. قوله: (إلا إذا حمله البائع الخ) في البحر عن جامع الفصولين: شراه وحمله البائع إلى بيت المشتري فرآه ليس له الرد، لأنه لو رده يحتاج إلى الحمل فيصير هذا كعيب حدث عند المشتري ومؤنة رد المبيع بعيب أو بخيار شرط أو رؤية على المشتري، ولو شرى متاعا وحمله إلى موضع فله رده بعيب ورؤية لو رده إلى موضع العقد، وإلا فلا ا ه. وظاهره أنه إنما يرده لو رده إلى موضع العقد فيما لو حمله المشتري، بخلاف البائع، وهو خلاف ما نقله الشارح عن الأشباه، والذي يظهر عدم الفرق، وإن ما ذكره من قوله لأنه لو رده الخ غير ظاهر، لأنه لا يناسبه قوله بعده ومؤنة الرد على المشتري، فافهم، ثم رأيت صاحب نور العين اعترض التعليل المذكور بما ذكرته، ثم إنه يستفاد من كلام الفصولين أن ما أنفقه البائع على تحميله إلى منزل المشتري لا يلزم المشتري إذا رد عليه المبيع إلى محل العقد، لان البائع متبرع بما أنفقه، لان الواجب عليه التسليم في محل العقد دون التحميل، وبه يظهر جواب حادثة الفتوى: اشترى حديدا لم يره وشرط على