الصحيح ما لو بان فوات قطعة يسيرة من فخذه أو ساقه، بخلاف ما لو قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية فله ردها، وبالغالب ما لو كانت الأمة ثيبا من أن الثيابة تنقص القيمة، لكنه ليس الغالب عدم الثيابة ا ه. قال في البحر: وقواعدنا لا تأباه للمتأمل ا ه.
قلت: ويؤيده ما في الخانية: وجد الشاة مقطوعة الأذن إن اشتراها للأضحية له الرد، وكذا كل ما يمنع التضحية، وإن لغيرها فلا ما لم يعده الناس عيبا، والقول للمشتري أنه اشتراها للأضحية لو في زمانها وكان من أهل أن يضحي ا ه. وكذا ما في البزازية: اشترى شجرة ليتخذ منها الباب فوجدها بعد القطع لا تصلح لذلك رجع بالنقص، إلا أن يأخذ البائع الشجرة، كما هي ا ه. فقد اعتبر عدم غرض المشتري عيبا موجبا للرد، ولكنه يرجع بالنقص لان القطع مانع من الرد، وفيها أيضا: اشترى ثوبا أو خفا أو قلنسوة فوجده صغيرا له الرد ا ه. أي لا يصلح لغرضه. وفيها: لو كانت الدابة بطيئة السير لا يرد إلا إذا شرط أنها عجول ا ه: أي لان بطء السير ليس الغالب عدمه، فإن كلا من البطء والعجلة يكون في أصل الفطرة السليمة. وفيها: اشترى دابة فوجدها كبيرة السن ليس له الرد إلا إذا شرط صغرها، وسيأتي أن الثيوبة ليست بعيب إلا إذا شرط عدمها: أي فله الرد لفقد الوصف المرغوب، وبما ذكرنا (1) من الفروع ظهر أن قولهم في ضابط العيب من ينقص الثمن عند التجارة مبين على الغالب، وإلا فهو غير جامع وغير مانع. أما الأول فلانه لا يشمل مسألة الشجرة والثوب والخف والقلنسوة وشاة الأضحية، لان ذلك وإن لم يصلح لهذا المشتري يصلح لغيره فلا ينقص الثمن مطلقا. وأما الثاني فلانه يدخل فيه مسألة الدابة والأمة الثيب فإن ذلك ينقص الثمن مع أنه غير عيب، فعلم أنه لا بد من تقييد الضابط بما ذكره الشافعية. والظاهر أنهم لم يقصدوا حصر العيب فيما ذكر، لان عبارة الهداية والكنز: وما أوجب نقصان الثمن عند التجار فهو عيب، فإن هذه العبارة لا تدل على أن غير ذلك لا يسمى عيبا، فاغتنم هذا التحرير.
ثم اعلم أنه لا بد أن يكون العيب في نفس المبيع، لما في الخانية وغيرها: رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذا، فظهر أنها أكثر، قالوا ليس له الرد بهذا السبب، لان هذا ليس بعيب في البيع ا ه.
قلت: المراد بالسكنى ما يبنيه المستأجر في الحانوت ويسمى في زماننا بالكدك كما مر أول البيوع، لكنه اليوم تختلف قيمته بكثرة أجرة الحانوت وقلتها، فينبغي أن يكون ذلك عيبا. تأمل. قوله:
(من وجد بمشريه الخ) أطلقه فشمل ما إذا كان به عند البيع، أو حدث بعده في يد البائع. بحر.