لا يخرجه منها: أي خروجا باتا، بل يخرجه على احتمال العود إن أمكن، وهنا لم يمكن للمحذور المذكور، وقولهم تصح نية الإقامة بعد السجود ويلغو السجود لوقوعه في خلال الصلاة صحيح، لان إلغاء السجود فيه لم يكن بسبب إيجابه المقتضي للدور كما في مسألتنا، بل بسبب تصحيح النية فيه الموجب للاتمام، وتصحيح النية فيه لا يستدعي إيجاب السجود، بخلاف مسألتنا فإن فيلزم من صحة النية أن تصح بلا سجود لوقوعه في وسط الصلاة، ومع عدم السجود لا يعود إلا حرمة الصلاة، وإذا لم يعد إليها لم تصح نية الإقامة، فيلزم الدور. وبعد تقرير هذا الجواب بما ذكرنا، رأيت شيخ مشايخنا الرحمتي ذكر نحوه ولله الحمد، فافهم. قوله: (ويسجد للسهو ولو مع سلامه للقطع) أي قطع الصلاة وعدم العود إليها بالسجود، قيد بالسهو لأنه لو سلم ذاكرا أن عليه سجده تلاوة أو قراءة التشهد الأخير سقطت عنه، لان سلامه عمد فيخرجه من الصلاة، ولا تفسد صلاته لأنه لم يبق عليه ركن من أركان الصلاة، بل تكون ناقصة لترك الواجب، وكذا لو سلم وعليه تلاوية وسهوية ذاكرا لهما أو للتلاوية سقطتا، إلا إذا تذكر أنه لم يتشهد، ولو سلم وعليه صلبية فقط أو صلبية وسهوية ذاكرا لهما أو للصلبية فقط فسدت صلاته، ولو عليه تلاوية أيضا فسلم ذاكرا لها أو للصلبية فسدت أيضا، وهذا في الصلبية ظاهر لأنها ركن. وأما في التلاوية فمقتضى ما مر أنها لا تفسد، وهو رواية أصحاب: الاملاء عن أبي يوسف، لان سلامه في حق الركن سلام سهو، وفي حق الواجب سلام عمد، وكلاهما لا يوجب فساد الصلاة، لكن ظاهر الرواية أنها تفسد، لان سلام السهو لا يخرج، وسلام العمد يخرج، فترجح جانب الخروج احتياطا. وما أحسن قول محمد: فسدت في الوجهين: أي في تذكر التلاوية أو الصلبية، لأنه لا يستطيع أن يقضي التي كان ذاكرا لها بعد التسليم، وإذا جعل عليه قضاء التي كان ناسيا لها وجب أن يقضي التي كان ذاكرا لها، وتمام ذلك في الفتح والبدائع. قوله: (لبطلان التحريمة) أي بالتحول أو التكلم، وقيل لا يقطع للتحول ما لم يتكلم أو يخرج من المسجد كما في الدرر عن النهاية. إمداد. قوله: (ولو نسي السهو الخ) أو في كلامه مانعة الخلو فيصدق بسبع صور، وهي ما لو كان عليه سهوية فقط، أو صلبية فقط، أو تلاوية فقط، أو كان عليه الثلاثة أو اثنتان منها: أي صلبية مع تلاوية أو سهوية مع إحداهما، ففي هذه كلها إذا سلم ناسيا لما عليه كله أو لما سوى السهوية لا يعد سلامه قاطعا، فإذا تذكر يلزمه ذلك الذي تذكره ويرتب بين السجدات، حتى لو كان عليه تلاوية وصلبية يقضيهما مرتبا، وهذا يفيد وجوب النية في المقضي من السجدات كما ذكر، في الفتح، ثم يتشهد، ويسلم ثم يسجد للسهو. وقيدنا بقولنا: أي لما سوى السهوية، لأنه لو سلم ذاكرا لها ناسيا لغيرها يلزمه أيضا، لان السلام مع تذكر سجود السهو لا يقطع، بخلاف تذكر غيرها فإنه يقطع عن التفصيل المار قبل ذلك، فافهم. قوله: (ما دام في المسجد) أي وإن تحول عن القبلة استحسانا، لان المسجد كله في حكم مكان واحد، ولذا صح الاقتداء فيه وإن كان بينهما فرجة. وأما إذا كان في الصحراء: فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف من خلفه أو يمينه أو يساره عاد إلى قضاء ما عليه، لان ذلك الموضع ملحق بالمسجد، وإن مشى أمامه فالأصح اعتبار موضع سجوده أو سترته إن كان له سترة بين يديه كما في البدائع والفتح.
(٩٧)