مضطر بين ترك الواجب وإتيان البدعة، والأول أولى من الثاني، ثم قال: لكن فيه اختلاف المشايخ ا ه.
وأقول: يريد ما في الفتح ما صرحوا به في عدة كتب أن ما تردد بين البدعة والواجب يأتي به احتياطا، بخلاف ما تردد بين البدعة والسنة. قوله: (واعلم الخ) قال في المنية وشرحها الصغير: ثم الأصل في التفكر أنه إن منعه عن أداء ركن كقراءة آية أو ثلاث أو ركوع أو سجود أو عن أداء واجب كالقعود يلزمه السهو لاستلزام ذلك ترك الواجب وهو الاتيان بالركن أو الواجب في محله وإن لم يمنعه عن شئ من ذلك بأن كان يؤدي الأركان ويتفكر، لا يلزمه السهو. وقال بعض المشايخ: إن منعه التفكر عن القراءة أو عن التسبيح يجب عليه سجود السهو، وإلا فلا، فعلى هذا القول لو شغله عن تسبيح الركوع وهو راكع مثلا يلزمه السجود، وعلى القول الأول لا يلزمه وهو الأصح ا ه. وبه علم أن قول المصنف ولا تسبيح مبني على خلاف الأصح، وقول البعض: ودخل في قوله أو عن أداء واجب ما لو شغله عن السلام لما في الظهيرية: لو شك بعد ما قعد قدر التشهد أصلي ثلاثا أو أربعا حتى شغله ذلك عن السلام ثم استيقن وأتم صلاته فعليه السهو ا ه. وعلله في البدائع بأنه أخر الواجب وهو السلام ا ه. وظاهره لزوم السجود وإن كان مشتغلا بقراءة الأدعية أو الصلاة، وهو مبني على ما قاله شمس الأئمة، من أنه ليس المراد أن يشغله التفكر عن ركن أو واجب، فإن ذلك يوجب سجدتي السهو بالاجماع، وإنما المراد به شغل قلبه بعد أن تكون جوارحه مشغولة بأداء الأركان، ومثله ما في الذخيرة، من أنه لو كان في ركوع أو سجود فطول في تفكره وتغير عن حاله بالتفكر فعليه سجود السهو استحسانا، لأنه وإن كان تفكره ليس إلا إطالة القيام أو الركوع أو السجود، وهذه الأذكار سنة، لكنه أخر واجبا أو ركنا لا بسبب إقامة السنة بل بسبب التفكر، وليس التفكر من أعمال الصلاة ا ه.
قلت: والحاصل أنه اختلف في التفكر الموجب للسهو، فقيل ما لزم منه تأخير الواجب أو الركن عن محله بأن قط الاشتغال بالركن أو الواجب قد أداء ركن وهو الأصح، وقيل مجرد التفكر الشاغل للقلب وإن لم يقطع الموالاة، وهذا كله إذا تفكر في أفعال هذه الصلاة، أما لو تفكر في صلاة قبلها هل صلاها أم لا: ففي المحيط أنه ذكر في بعض الروايات أنه لا سهو عليه وإن أخر فعلا، كما لو تفكر في أمر من أمور الدنيا حتى أخر ركنا، وفي رواية: يلزمه لتمكن النقص في صلاته لأنه يجب عليه حفظ تلك الصلاة حتى يعلم جواز صلاته هذه، بخلاف أعمال الدنيا فإنه لم يجب عليها حفظها. واستظهر في الحلية هذه الرواية، وأنه لو لزم ترك الواجب بالتفكر في أمور الدنيا يلزمه السجود أيضا. واستظهر أيضا القول الأول بأن الملزم للسجود ما كان فيه تأخير الواجب أو الركن عن محله، إذ ليس في مجرد التفكر مع الأداء ترك واجب، وتمام الكلام فيها وفي فتاوى العلامة قاسم. قوله: (سواء عمل بالتحري) أي بأن غلب على ظنه أنها الركعة الثانية مثلا، وقوله:
أو بنى على الأقل أي بأن لم يغلب على ظنه شئ وأخذ بالأقل. قوله: (لكن في السراج الخ) استدراك عن ما في الفتح من لزوم السجود في الصورتين، وقوله: مطلقا أي سواء تفكر قدر ركن