فكان على المتن أن يعبر هنا بالشك كما قال في نور الايضاح: أو تسحر أو جامع شاكا في طلوع الفجر وهو طالع، ثم يقول: أو ظن الغروب قال في النهر: ولا يصح أن يراد بالظن هنا ما يعم الشك كما زعم في البحر لعدم صحته في الشق الثاني، فإنه لا يكفي فيه الشك، فالصواب إبقاء الظن على بابه، غاية الأمر أن يكون المتن ساكتا عن الشك ولا ضير فيه اه ح.
أقول: في وجوب الكفارة مع الشك في الغروب اختلاف المشايخ كما نقله في البحر عن شرح الطحاوي، ونقل أيضا عن البدائع تصحيح عدم الوجوب فيما إذا غلب على رأيه عدم الغروب، لان احتمال الغروب قائم فكان شبهة، والكفارة لا تجب مع الشبهة اه.
ولا يخفى أن هذا يقتضي تصحيح القول بعدم الوجوب عند الشك في الغروب بالأولى، لكن ذكر في الفتح: أن مختار الفقيه أبي جعفر لزوم الكفارة عند الشك، لان الثابت حال غلبة الظن بالغروب شبهة الإباحة لا حقيقتها، ففي حال الشك دون ذلك، وهو شبهة الشبهة وهي لا تسقط العقوبات، ثم قال في الفتح: هذا إذا لم يتبين الحال، فإن ظهر أنه أكل قبل الغروب فعليه الكفارة، ولا أعلم فيه خلافا اه.
ولا يخفى أن كلامنا في الثاني وبه تأيد ما في النهر، ثم إن شبهة الشبهة إذا لم تعتبر عند الشك في الغروب يلزم عدم اعتبارها عند غلبة الظن بعدمه بالأولى، وبه يضعف ما في البدائع من تصيح عدم الوجوب، ولذا جزم الزيلعي بلزوم القضاء والكفارة، وكذا في النهاية. قوله: (عملا بالأصل فيهما) أي في الأول والثاني فإن الأصل في الأول بقاء الليل فلا تجب الكفارة، وفي الثاني بقاء النهار فتجب على إحدى الروايتين كما علمت. قوله: (ولم يتبين الحال) أي فيما لو ظن بقاء الليل أو شك فتسحر، وهذا مقابل قوله: والحال أن الفجر طالع، فإن المراد به التيقن حتى لو غلب على ظنه أنه أكل بعد طلوع الفجر لا قضاء عليه في أشهر الروايات. بحر. فهذا داخل في عدم التبين.
قوله: (لم يقض) أي في مسألة الظن أو الشك في بقاء الليل، لان الأصل بقاؤه فلا يخرج بالشك.
بحر. وأما مسألة الظن أو الشك في الغروب مع التبيين أو عدمه فسنذكرها. قوله: (في ظاهر الرواية) فيه أنه ذكره الزيلعي وصاحب البحر بلا حكاية خلاف، وهذا وهم سرى إليه من مسألة ذكرها الزيلعي وهي: ما إذا غلب على ظنه طلوع الفجر فأكل ثم لم يتبين شئ، فإنه لا شئ عليه في ظاهر الرواية، وقيل يقضي احتياطا. أفاده ح. قوله: (تتفرع إلى ستة وثلاثين) هذا على ما في النهر، قال: لأنه إما أن يغلب على ظنه أو يظن أو يشك، وكل من الثلاثة إما أن يكون في وجود المبيح أو قيام المحرم فهي ستة، وكل منها على ثلاثة، إما أن يتبين له صحة ما بدا له أو بطلانه أولا ولا، وكل من الثمانية عشر إما أن يكون في ابتداء الصوم أو في انتهائه فتلك ستة وثلاثون اه. وفيه نظر لأنه فرق في التقسيم الأول بين الظن وغلبته، ولا فائدة له لاتحادهما حكما وإن اختلفا مفهوما، فإن مجرد ترجح أحد طرفي الحكم عند العقل هو أصل الظن، فإن زاد ذلك الترجح حتى قرب من اليقين سمي غلبة الظن وأكبر الرأي فلذا جعلها في البحر أربعة وعشرين.
ويرد عليهما أنه لا وجه لجعل الشك تارة في وجود المبيح وتارة في وجود المحرم، لان