المستور مطلقا، وبالأولى سماع الطبل أو المدفع الحادث في زماننا لاحتمال كونه لغيره، ولان الغالب كون الضارب غير عدل فلا بد حينئذ من التحري فيجوز، لان ظاهر مذهب أصحابنا جواز الافطار بالتحري كما نقله في المعراج عن شمس الأئمة السرخسي، لان التحري يفيد غلبة الظن، وهي كاليقين كما تقدم، فلو لم يتحر لا يحل له الفطر لما في السراج وغيره: لو شك في الغروب لا يحل له الفطر، لان الأصل بقاء النهار اه. وفي البحر عن البزازية: ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه الغروب وإن أذن المؤذن اه. وقد يقال: إن المدفع في زماننا يفيد غلبة الظن وإن كان ضاربه فاسقا، لان العادة الموقت يذهب إلى دار الحكم آخر النهار فيعين له وقت ضربه ويعينه أيضا للوزير وغيره، وإذا ضربه يكون ذلك بمراقبة الوزير وأعوانه للوقت المعين، فيغلب على الظن بهذه القرائن عدم الخطأ وعدم قصد الافساد، وإلا لزم تأثيم الناس وإيجاب قضاء الشهر بتمامه عليهم، فإن غالبهم يفطر بمجرد سماع المدفع من غير تحر ولا غلب ظن، والله تعالى أعلم. قوله: (مرة بعد أخرى الخ) ظاهره أنه بالمرة الثانية تجب عليه الكفارة ولو حصل فاصل بأيام، وأنه إذا لم يقصد المعصية وهي الافطار لا تجب ط. قوله: (والأخيران) أي من تسحر وأفطر يظن الوقت ليلا الخ. وقد تبع المصنف بذلك صاحب الدرر، ولا وجه لتخصيصه كما أشار إليه الشارح فيما يأتي. قوله: (قوله على الأصح) وقيل يتحسب. فتح. وأجمعوا على أنه لا يجب على الحائض والنفساء والمريض والمسافر، وعلى لزومه لمن أفطر خطأ أو عمدا أو يوم الشك ثم تبين أنه رمضان. ذكره قاضيخان شرنبلالية.
قوله: (لان الفطر) أي تناول صورة المفطر، وإلا فالصوم فاسد قبله، وأشار إلى قياس من الشكل الأول ذكر فيه مقدمتا القياس وطويت فيه النتيجة وتقريره هكذا: الفطر قبيح شرعا وكل قبيح شرعا تركه واجب، فالفطر تركه واجب، فافهم. قوله: (كمسافر أقام) أي بعد نصف النهار أو قبله بعد الاكل، أما قبلهما فيجب عليه الصوم وإن كان نوى الفطر كما سيأتي متنا في الفصل الآتي، والأصل في هذه المسائل أن كل من صار في آخر النهار بصفة لو كان في أول النهار عليها للزمه الصوم فعليه الامساك كما في الخلاصة والنهاية والعناية، لكنه غير جامع إذ لا يدخل فيه من أكل في رمضان عمدا، لان الصيرورة للتحول ولو لامتناع ما يليه، ولا يتحقق المفاد بهما فيه. نهر أي لأنه لم يتجدد له حالة بعد فطره لم يكن عليها قبله، وكذا لا يدخل فيه من أصبح يوم الشك مفطرا أو تسحر على ظن الليل أو أفطر كذلك، ولذا ذكر في البدائع الأصل المذكور ثم قال: وكذا كل من وجب عليه الصوم لوجود سبب الوجوب والأهلية ثم تعذر عليه المضي بأن أفطر متعمدا أو أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أو تسحر على ظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين طلوعه، إنه يجب عليه الامساك (1) تشبها اه. فقد جعل لوجوب الامساك أصلين تتفرع عليهما الفروع، وقد حاول