ذكره في البحر من كتاب الطهارة لكنه فرق بينهما هنا فقال: ينبغي أن يكون كل صوم رغب فيه الشارع (ص) بخصوصه مستحبا وما سواه مما لم تثبت كراهته يكون مندوبا لا نفلا لان الشارع قد رغب في مطلق الصوم فترتب على فعله الثواب، بخلاف النفلية المقابلة للندبية فإن ظاهره يقتضي عدم الثواب فيه، وإلا فهو مندوب كما لا يخفى اه.
قلت: وهذا وارد على ما في الفتح حيث جعل النفل مقابلا للمندوب والمكروه. قوله:
(كأيام البيض) أي أيام الليالي البيض وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، سميت بذلك لتكامل ضوء الهلال وشدة البياض فيها.
من كل شهر ويندب كونها البيض قوله: (ويوم الجمعة ولو منفردا) صرح به في النهر وكذا في البحر، فقال: إن صومه بانفراده مستحب عند العامة كالاثنين والخميس، وكره الكل بعضهم اه.
ومثله في المحيط معللا بأن لهذه الأيام فضيلة ولم يكن في صومها تشبه بغير أهل القبلة كما في الأشباه، وتبعه في نور الايضاح من كراهة إفراده بالصوم قول البعض. وفي الخانية: ولا بأس بصوم يوم الجمعة عند أبي حنيفة ومحمد لما روي، عن ابن عباس أنه كان يصومه ولا يفطر اه. وظاهر الاستشهاد بالأثر أن المراد بلا بأس الاستحباب. وفي التجنيس قال أبو يوسف: جاء حديث في كراهته أن يصوم قبله أو بعده، فكان الاحتياط أن يضم إليه يوما آخر اه. قال ط: قلت: ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه، والآخر منهما النهي كما أوضحه شراح الجامع الصغير لان فيه وظائف، فلعله إذا صام ضعف عن فعلها. قوله: (لم يضعفه) صفة لحاج: أي إن كان لا يضعفه عن الوقوف بعرفات ولا يخل بالدعوات. محيط. فلو أضعفه كره. قوله: (والمكروه) بالنصب عطفا على السنة أو بالرفع على الابتداء، وخبره قوله: كالعيدين وحينئذ لا يحتاج إلى التكلف المار في وجه إدخاله في النفل، على أن صوم العيدين مكروه تحريما ولو كان الصوم واجبا. قوله: (كالعيدين) أي وأيام التشريق. نهر. قوله: (وعاشوراء (1) وحده) أي مفردا عن التاسع أو عن الحادي عشر. إمداد. لأنه تشبه باليهود. محيط. قوله: (وسبت وحده) للتشبه باليهود. بحر. وهذه العلة تفيد كراهة التحريم، إلا أن يقال: إنما تثبت بقصد التشبه كما مر نظيره ط.
قلت: وفي بعض النسخ وأحد بدل قوله وحده وبه صرح في التاترخانية فقال: ويكرم صوم النيروز والمهرجان إذا تعمده ولم يوافق يوما كان يصومه قبل ذلك، وهكذا قيل في يوم السبت والأحد اه: أي يكره تعمد صومه إلا إذا وافق يوما كان يصومه، قبل كما لو كان يصوم يوما ويفطر يوما، أو كان يصوم أول الشهر مثلا فوافق يوما من هذه الأيام. وأفاد قوله وحده أنه لو صام معه يوما آخر فلا كراهة، لان الكراهة في تخصيصه بالصوم للتشبه. وهل إذا صام السبت مع الاحد تزول الكراهة؟ محل تردد، لأنه قد يقال: إن كل يوم منهما معظم عند طائفة من أهل الكتاب، ففي صوم كل واحد منهما تشبه بطائفة منهم. وقد يقال: إن صومهما معا ليس فيه تشبه، لأنه لم تتفق طائفة