الملتقى في باب زكاة الخارج بأن الرطل الشامي ستمائة درهم، وأن المد الشامي صاعان، وعليه فالصاع بالرطل الشامي رطل ونصف، والمد ثلاثة أرطال، ويكون نصف الصاع من البر ربع مد شامي، فالمد الشامي يجزي عن أربع، وهكذا رأيته أيضا محررا بخط شيخ مشايخنا إبراهيم السائحاني وشيخ مشايخنا منلا علي التركماني وكفى بهما قدوة، لكني حررت نصف الصاع في عام ست وعشرين بعد المائتين فوجدته ثمنية ونحو ثلثي ثمنية، فهو تقريبا رد مد ممسوحا من غير تكويم، ولا يخالف ذلك ما مر، لان المد في زماننا أكبر من المد السابق، وكذا الرطل في زماننا أكبر من المد السابق، وكذا الرطل في زماننا فإنه الآن يزيد على سبعمائة درهم، وهذا بناء على تقدير الصاع بالماش أو العدس، أما على تقديره بالحنطة أو الشعير، وهو الأحوط كما يأتي قريبا فيزيد نصف الصاع على ذلك، فالأحوط إخراج ربع مد شامي على التمام من الحنطة الجيدة، والله تعالى أعلم. قال ط: وقدر بعض مشايخي نصف الصاع بقدح وسدس بالمصري، وعن الدفري تقديره بقدح وثلث، وعليه فالربع المصري يكفي عن ثلاث.
قوله: (إنما قدر بهما) أي قدر الصاع بما يسع الوزن المذكور منهما: أي من مجموعها: أي من أي نوع منهما، لان كل واحد منهما يتساوى كيله ووزنه، إذ لا تختلف أفراده ثقلا وكبرا، فإذا ملأت إناء من ماش وزنه ألف وأربعون درهما ثم ملأته من ماش آخر يكون وزنه مثل وزن الأول لعدم التفاوت بين ماش وماش آخر، وكذا لو فعلت بالعدس كذلك، بخلاف غيرهما كالبر مثلا فإن بعض البر قد يكون أثقل من البعض فيختلف كيله ووزنه فلذا قدر الصاع بالماش أو العدس فيكون مكيالا محررا يكال به ما يراد إخراجه من الأشياء المنصوصة بلا اعتبار، وزن، لأنك لو كلت به شعيرا مثلا ثم وزنته لم يبلغ وزنه ألفا وأربعين درهما، ولو اعتبر الوزن لكان ما يسع ألفا وأربعين درهما من الشعير أكبر من الصاع الذي يسع هذا القدر من الماش أو العدس وقد اعتبروا الصاع بهما، فعلم أنه لا اعتبار بالوزن أصلا في غيرهما، ويدل على ذلك أيضا قول الذخيرة: قال الطحاوي: الصاع ثمانية أرطال مما يستوي كيله ووزنه، ومعناه أن العدس والماش يستوي كيله ووزنه، حتى لو وزن من ذلك ثمانية أرطال ووضع في الصاع لا يزيد ولا ينقص، وما سوى ذلك تارة يكون الوزن أكثر من الكيل كالشعير وتارة بالعكس كالملح، فإذا كان المكيال يسع ثمانية أرطال من العدس والماش فهو الصاع الذي يكال به الشعير والتمر والحنطة اه. وذكر نحوه في الفتح ثم قال: وبهذا يرتفع الخلاف في تقدير الصاع كيلا أو وزنا ومراده بالخلاف ما ذكره قبله حيث قال: ثم يعتبر نصف صاع من بر من حيث الوزن عند أبي حنيفة: لأنهم لما اختلفوا في أن الصاع ثمانية أرطال أو خمسة وثلث كان إجماعا منهم أنه يعتبر بالوزن. وروى ابن رستم عن محمد أنه إنما يعتبر بالكيل حتى لو دفع أربعة أرطال لا يجزيه لجواز كون الحنطة ثقيلة لا تبلغ نصف صاع اه. وفي ارتفاع الخلاف بما ذكر تأمل، فإن المتبادر من اعتبار نصف الصاع بالوزن عند أبي حنيفة اعتبار وزن البر ونحوه مما يريد إخراجه لاعتباره بالماش والعدس. والظاهر أن اعتباره بهما مبني على رواية محمد، وأن الخلاف متحقق، وعن هذا ذكر صدر الشريعة في شرح الوقاية أن الأحوط تقدير الصاع بثمانية أرطال من الحنطة الجيدة لأنه إن قدر الماش يكون أصغر ولا يسع ثمانية أرطال من الحنطة لأنه أثقل منها وهي أثقل من الشعير، فالمكيال الذي يملا بثمانية أرطال من الماش يملا بأقل من ثمانية أرطال من الحنطة الجيدة المكتنزة اه.